الفتوى رقم 336 لسنة 2016 بتاريخ فتوى : 2016/05/21 و تاريخ جلسة : 2016/04/27 و رقم الملف : 54/1/575
موضوع الفتوى:
بشأن مدى جواز لجوء الاستشاري العام لمشروع المتحف القومي للحضارة المصرية إلى التحكيم تفعيلاً للبند الثاني والعشرين من العقد المبرم بينه وبين هيئة الآثار المصرية (المجلس الأعلى للآثار حالياً) عام 1985 في ضوء التغيير الذى شمل محل التعاقد، وكذا مدى جواز حصوله على دفعة من الحساب لحين الفصل في النزاع القائم بينه وبين وزارة الآثار بخصوص مستحقاته المالية حتى لا تتوقف الأعمال بالمشروع كليًا.
عقد ـ مستحقات استشارى المشروع.
المشرع فى القانون المدنى وضع أصلا عاما يطبق على العقود المدنية والإدارية على حد سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، وأنه يجب تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، فإن حاد أحد طرفى العقد عن تنفيذ التزاماته كان مسئولا عن إخلاله بهذه الالتزامات ووجب حمله على الوفاء بها، وأنه يتعين عند تفسير العقد احترام عبارات العقد الواضحة والعمل بمقتضاها فلا يجوز اتخاذ التفسير ذريعة للانحراف عن ذلك فإذا غم الأمر وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة طرفى العقد الحقيقية دون التعويل فى ذلك على ظاهر النصوص ويستهدى فى سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد وما تقتضيه الأمانة والثقة بين طرفيه على وفق ما تجرى عليه قواعد العرف الذى يجرى على أساس التعامل محل العقد ـ تطبيق
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
مجلس الدولة رقم التبليغ :
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريــخ : / / 2016
ملف رقم : 54 / 1 / 575
السيد الاستاذ الدكتور/ وزير الآثار
تحية طيبة وبعد…
اطلعنا على كتابكم المؤرخ في 26/10/2015 بشأن مدى جواز لجوء الاستشاري العام لمشروع المتحف القومي للحضارة المصرية إلى التحكيم تفعيلاً للبند الثاني والعشرين من العقد المبرم بينه وبين هيئة الآثار المصرية (المجلس الأعلى للآثار حالياً) عام 1985 في ضوء التغيير الذى شمل محل التعاقد، وكذا مدى جواز حصوله على دفعة من الحساب لحين الفصل في النزاع القائم بينه وبين وزارة الآثار بخصوص مستحقاته المالية حتى لا تتوقف الأعمال بالمشروع كليًا.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 15/5/1985 أُبرم عقد التصميم والإشراف على تنفيذ المتحف القومي للحضارة المصرية بأرض الجزيرة بين هيئة الآثار المصرية (المجلس الأعلى للآثار حالياً) والدكتور مهندس/ الغزالي مسعد كسيبه، وذلك بعد فوز المشروع المقدم من الأخير بالجائزة الأولى فى المسابقة التي أجرتها هيئة الآثار المصرية لاختيار أفضل تصميم لمبنى المتحف. وقدرت التكلفة الابتدائية للمتحف فى حينه بمبلغ خمسة وثلاثين مليون جنيه، ونص البند التاسع من العقد على استحقاق الاستشاري أتعابًا كلية مقدارها ستة ونصف من المائة من قيمة الحساب الختامي عند التسليم الابتدائي للمشروع من واقع ختامي الأعمال، كما نص البند الثانى والعشرون منه على اللجوء للتحكيم عند الخلاف فى تفسير أو تطبيق بنود العقد.
وقد تم تغيير الموقع المخصص لإنشاء المتحف من أرض الجزيرة إلى منطقة الفسطاط بمصر القديمة طبقاً للقرار رقم (2813) لسنة 2002 بتخصيص قطعة أرض بحديقة الفسطاط بمساحة( 22) فدانًا لإنشاء المتحف، وبموجب العقد المؤرخ فى 15/6/2004 تم إسناد عملية إنشاء المتحف (المرحلة الأولى) لشركة أبناء مصر للتعمير (أبناء حسن علام) بقيمة إجمالية مقدارها (317753111) ثلاثمائة وسبعة عشر مليونًا وسبعمائة وثلاثة وخمسون ألفًا ومائة وأحد عشر جنيهًا وتم تسليم الموقع للشركة للتنفيذ طبقاً للمستندات المقدمة من المهندس الاستشارى. وقد ثار خلاف بين الأخير والجهة الإدارية بشأن تفسير الفقرة (د) من العقد المبرم معه سنة 1985 والتى تنص على استحقاقه لـ (ما يكمل 45 % من الأتعاب الكلية المستحقة بعد فتح المظاريف وإرساء العطاء وتحسب على أساس قيمة العطاء المقبول…..)، فتم استطلاع رأى إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة التى عرضت الموضوع على اللجنة الثانية لقسم الفتوى .
وبتاريخ 28/5/2005 تحرر الملحق رقم (2) للعقد المؤرخ فى 15/5/1985 وبموجبه يقبل الاستشاري دفع جميع أتعابه بالعملة المصرية.
وبجلسة 30/7/2005أصدرت اللجنة الثانية لقسم الفتوى بمجلس الدولة فتواها فى الموضوع بعدم جواز تفسير أو تطبيق نص الفقرة (د) من البند العاشر من العقد ؛لأن العقد ذاته أصبح غير موجود قانوناً لما حدث من تغيير فى موقع ومساحة وحجم الأعمال، وأنه يتعين على الجهة الإدارية تحديد أتعاب الاستشارى بقرار منها فى ضوء الضوابط التى أوردتها الفتوى وهى: أن يكون التعاقد بأقل قيمة ممكنة تحقيقاً للمصلحة العامة، وأن تقل النسبة المئوية لأتعاب الاستشارى كلما زادت قيمة الأعمال ،ومراعاة النسب التى تم التعاقد عليها فى العقود الاستشارية الأخرى المعاصرة، بالإضافة إلى الالتزام باللوائح والقواعد والضوابط المعمول بها فى وزارة الإسكان والمرافق بالنسبة للعقود الاستشارية.
وتنفيذًا للفتوى المشار إليها صدر قرار وزير الثقافة رقم (383) لسنة 2006 بتشكيل لجنة لدراسة قيمة أتعاب الاستشاري العام للمشروع والتى انتهت فى اجتماعها المنعقد بتاريخ 8/7/2007 إلى استمرار العقد المبرم معه بتاريخ 15/5/1985 وملحقاته، وأن إقرار الاستشارى المرفق بمحضر اللجنة، بموافقته على تخفيض أتعابه من 6,5% إلى 5,5% عن الأعمال المكملة للمشروع قد أصبح مكملاً للعقد وجزءًا
لا يتجزأ منه. وتم تحرير ما أطلق عليه الطرفان الملحق رقم (3) بتاريخ 27/11/2008 متضمناً استحقاق الاستشارى أتعاباً كلية بمقدار 6,5% من إجمالي تكلفة الأعمال عن المرحلة الأولى، وتخفض النسبة إلى 5,5% للمراحل المكملة للمشروع (ما بعد المرحلة الأولى)، وتضمن البند الخامس من هذا الاتفاق على أنه : “فيما عدا ما تضمنه الملحق رقم (3) الماثل تسرى كافة البنود الواردة بالعقد المؤرخ فى 15/5/1985 وبنود الملحق رقم (1) والملحق رقم (2)”.
وبتاريخ 20/8/2015 اجتمعت اللجنة العليا للإشراف على المشروع لتسوية أتعاب المهندس الاستشارى عن المرحلة الأولى والمراحل المكملة، وقرر الاستشارى أثناء الاجتماع التنازل عن جزء من مستحقاته المحددة بالعقد المبرم فى 15/5/1985 وملاحقه، وباجتماع اللجنة بتاريخ 11/10/2015 تحفظ المستشار القانونى للمشروع على ما أبداه الاستشارى وطلب تشكيل لجنة مالية وهندسية وقانونية لتطبيق المعايير الواردة بفتوى اللجنة الثانية المشار إليها؛لتحديد أتعاب الاستشارى لزوال العقد المبرم فى 15/5/1985 على نحو ما ورد بالفتوى الصادرة عن اللجنة الثانية المشار إليها، وإذ لم يلق هذا الرأى قبولاً لدى المهندس الاستشارى فقد طلب اللجوء إلى التحكيم تفعيلاً للبند الثانى والعشرين من العقد المبرم معه عام 1985.
وباستطلاع رأى إدارة الفتوى المختصة أحالت الموضوع إلى اللجنة الثالثة لقسم الفتوى التى قررت بجلسة 17/2/2016 إحالته إلى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع للأهمية والعمومية.
ونفيد:أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة بتاريخ 27 من إبريل عام 2016، الموافق 20 من رجب عام 1437 ؛فتبين لها أن القانون المدنى ينص فى المادة (147) منه على أن : “ 1- العقد شريعة المتعاقدين ، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون. 2ـ ..” ، وفى المادة (148) منه على أن : “ 1- يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2- ….” ، وفى المادة (150) منه على أن :1- إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.2- أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقاً للعرف الجاري في المعاملات ، وفى المادة (157) منه على أن :“ 1- فى العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض فى الحالتين إن كان له مقتض. 2- ….”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع فى القانون المدنى وضع أصلا عاما يطبق على العقود المدنية والإدارية على حد سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، وأنه يجب تنفيذه طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، فإن حاد أحد طرفى العقد عن تنفيذ التزاماته كان مسئولا عن إخلاله بهذه الالتزامات ووجب حمله على الوفاء بها ، و أنه يتعين عند تفسير العقد احترام عبارات العقد الواضحة والعمل بمقتضاها فلا يجوز اتخاذ التفسير ذريعة للانحراف عن ذلك فإذا غم الأمر وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة طرفي العقد الحقيقية دون التعويل في ذلك على ظاهر النصوص ويستهدى في سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد وما تقتضيه الأمانة والثقة بين طرفيه على وفق ما تجري عليه قواعد العرف الذي يجرى على أساس التعامل محل العقد.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن هيئة الآثار المصرية (المجلس الأعلى للآثار حالياً) تعاقدت بتاريخ 15/5/1985 مع المهندس الاستشارى الدكتور/ الغزالى مسعد كسيبه على التصميم والإشراف على تنفيذ المتحف القومى للحضارة المصرية بالجزيرة نظير أتعاب مقدارها ستة ونصف من المائة من قيمة الحساب الختامى عند التسليم الابتدائى للمشروع من واقع ختامى الأعمال، وتضمن العقد شرط تحكيم. و فى عام 2002 قامت الجهة الإدارية بتغيير موقع المشروع إلى منطقة الفسطاط، وفى 15/6/2004 تم إسناد تنفيذ المشروع (المرحلة الأولى) لشركة أبناء مصر للتعمير، طبقا للمستندات المقدمة من الاستشارى المذكور، الذى طالب بجزء من أتعابه تنفيذا للفقرة (د) من البند العاشر من العقد المبرم معه عام 1985. إلا أن اللجنة الثانية أفتت بعدم جواز تفسير أو تطبيق البند المشار إليه لانقضاء العقد المبرم عام 1985 لما طرأ من تغيير فى محله وأنه يتعين تحديد أتعاب الاستشارى فى ضوء الضوابط الواردة بالفتوى المشار إليها. ومن ثم، فقد أصدر السيد/ وزير الثقافة القرار رقم (383) لسنة 2006 بتشكيل لجنة لدراسة أتعاب الاستشارى، وقامت اللجنة بالتفاوض معه من جديد، لإعمال الضوابط الواردة بإفتاء اللجنة الثانية، وأسفر ذلك عن موافقة الاستشارى على تخفيض أتعابه عن المراحل المكملة للمشروع (ما بعد المرحلة الأولى) من ستة ونصف من المائة إلى خمسة ونصف من المائة. وبتاريخ 27/11/2008 تحرر بذلك ما أطلق عليه الطرفان الملحق رقم (3) للعقد، ونص البند الأول منه على أن العقد المؤرخ فى15/5/1985 والمستندات المتعلقة به وملاحقه أرقام (1) و(2) و(3) يكمل بعضها بعضًا، ونص فى البند الخامس منه على أنه فيما عدا ما ورد بالملحق رقم (3) تطبق جميع البنود الواردة بالعقد المذكور وملحقاه رقمىا (1) و(2). الأمر الذى يفصح عن اتجاه الإرادة الحقيقية للطرفين إلى إبرام عقد جديد يستعير معظم أحكام العقد المبرم بينهما عام 1985 و ملحقيه فيما لا يخالف العقد المبرم بينهما فى 27/11/2008 ، فهو وإن أسماه أطرافه ملحقًا، إلا أنه يعد فى حقيقة الواقع والقانون عقدًا جديدًا تضمن تغييرًا جوهريًا فى التزامات الأطراف تبعا لتغيير مكان ومساحة وحجم الأعمال و كان إبرام هذا العقد تنفيذا لما انتهت إليه اللجنة الثانية و ما أعقب ذلك من إجراءات.
ولما كان ذلك، فإن الجهة الإدارية تكون قد أعملت فتوى اللجنة الثانية المشار إليها الصادرة بجلسة 30/7/2005 ، وقامت بإعادة التفاوض مع استشارى المشروع انتهى بإبرام تعاقد جديد فى 27/11/2008 ، استعارت فيه الأحكام الواردة بالعقد الذى سبق إبرامه معه عام 1985 و ملحقيه الأول و الثانى ، للتصميم والإشراف على تنفيذ المتحف فى الموقع الجديد، بمقابل أتعاب أقل مما تضمنه العقد المبرم عام 1985، الأمر الذى يتعين معه الالتزام بأحكام العقد المؤرخ 27/11/2008 وصرف مستحقات الاستشارى على أساسه.
ومن حيث إنه وقد اتضح بهذا الإفتاء الأساس القانونى الذي يجب أن يتم على أساسه حساب وصرف مستحقات استشارى المشروع، وهو العقد المبرم بتاريخ 27/11/2008 وقد كان استظهار هذا الأساس هو مبعث الخلاف بين الجهة الإدارية واستشارى المشروع ، ورغب الأخير فى اللجوء للتحكيم لبيان وجه الحقيقة بشأنه ومن ثم صرف مستحقاته، أما وقد أنزلت الجمعية العمومية صحيح حكم القانون فى هذا الموضوع ،وقررت صرف مستحقات الاستشارى على النحو المشار إليه، فلا يكون هناك محل للتساؤل المتعلق بمدى جواز لجوء الاستشارى للتحكيم اقتضاء لهذه المستحقات، ونكتفى بذكر ذلك فى الأسباب دون النص عليه فى المنطوق.
لــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ،إلى أحقية الاستشارى فى صرف مستحقاته فى الحالة المعروضة على وفق العقد المؤرخ فى 27/11/2008 ، وذلك على النحو المبين تفصيلا بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2016
رئيس رئـيس
المكتب الفنى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
شــريف الشـــــــــاذلي المستشار/
محـــمــــد إبراهيــــم قـــشطــــة
نائب رئيس مجلس الدولة النائب الأول لرئيس مجلس الدولة