الفتوى رقم 598 لسنة 2012 بتاريخ فتوى : 2012/08/11 و تاريخ جلسة : 2012/06/27 و رقم الملف : 32/2/3659
موضوع الفتوى:
في شأن إعادة عرض النزاع القائم بين وزارة المالية والمجلس الأعلى للآثار حول أعباء خدمة المبالغ التي قام الأخير بسحبها على المكشوف من البنك المركزي والتي بلغت 212.8 مليون جنيه.
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع – نزاع – الرأي الصادر عن الجمعية العمومية فى مجال المنازعات التى تثور بين الجهات الإدارية هو رأي نهائي ملزم حاسم لأوجه النزاع تستنفد بإصداره ولايتها، فلا يجوز طلب إعادة نظره من جديد ما لم يجد من الأوضاع
ولا من ظروف الحال ما لم يكن تحت بصرها لدى إصدارها لإفتائها السابق،
أو يطرأ من الموجبات ما يقتضى معاودة نظره من جديد
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
مجلس الدولة رقم التبليغ :
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريــــــخ : / /2012
ملف رقم : 32 / 2 / 3659
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الدولة لشئون الآثار
تحية طيبة وبعد،،،
فقد اطلعنا على كتاب وزير الثقافة رقم 2551 المؤرخ 22 من مارس عام 2007 في شأن إعادة عرض النزاع القائم بين وزارة المالية والمجلس الأعلى للآثار حول أعباء خدمة المبالغ التي قام الأخير بسحبها على المكشوف من البنك المركزي والتي بلغت 212.8 مليون جنيه.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أنه قد سبق لهيئة الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن انتهت بجلسة 1 من نوفمبر عام 2006 بفتواها رقم 901 بتاريخ 15 من نوفمبر عام 2006، ملف رقم 32/2/3659 في شأن النزاع سالف الذكر إلي إلزام المجلس الأعلي للآثار، بأداء مبلغ 212.8 مليون جنيه لوزارة المالية مقابل أعباء خدمة المبالغ التي قام بسحبها على المكشوف من البنك المركزي المصري، وذلك لأسباب حاصلها أن المجلس الأعلى للآثار، وهو هيئة عامة خدمية، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية، يهدف إلى المشاركة فى التوجيه القومى، وتنفيذ مسئوليات وزارة الثقافة فى مجال الآثار المصرية والإسلامية والقبطية. ويتولى الانفاق على ذلك من خلال موارده المحددة فى قرار إنشائه، والتى يقوم على توجيه استخدامها قطاعات المجلس المختلفة، التى تعمل كمنظومة متكاملة لتحقيق أهداف المجلس، ومن بين هذه القطاعات، قطاع صندوق تمويل الآثار والمتاحف ذلك الصندوق الذى تعد اختصاصاته جزء من اختصاصات المجلس، وتتداخل موارده مع موارد المجلس المشار إليها، باعتبار أن الصندوق صار جزءاً من الهيكل التنظيمى للمجلس، لذلك يتم الصرف من موازنته، وما يتحقق بها من فائض على تمويل الاستخدامات الجارية للمجلس، ويرحل الفائض بعد ذلك فلا يؤول إلى الخزانة العامة.
ولما كان المشرع قد ناط بالبنك المركزى المصرى القيام بأعمال مصرف الحكومة، وذلك لقاء مقابل يتقاضاه عن الخدمات التى يؤديها للحكومة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، ويحدد هذا المقابل طبقاً للائحة أسعار الخدمات المصرفية التى يصدر بها قرار من مجلس إدارة البنك. وكانت طبيعة هذا المقابل تختلف عن الفوائد القانونية، والتى يرتكز مناط استحقاقها على وجود إلتزام بأداء مبلغ من النقود، يكون معلوم المقدار وقت المطالبة به، ويتقاعس المدين عن الوفاء به مما يوقعه تحت طائلة المطالبة بهذه الفوائد القانونية، ومن ثم فهى تختلف كلياً عن مقابل الخدمات المشار إليه الذى يقوم البنك المركزى المصرى بإضافته ضمن حساب الحكومة وتقوم وزارة المالية بأدائه، وذلك بالنسبة للجهات الحكومية والهيئات العامة الخدمية.
ولما كان الثابت أن المجلس الأعلى للآثار، وهو هيئة خدمية يوفر لها صندوق تمويل الآثار والمتاحف التمويل الذاتى الذى يستخدم فى الانفاق على النفقات الجارية، ويرحل الفائض منه سنوياً فى شكل ودائع بنكية وصلت إلى 908.7 مليون جنيه، فضلاً عن وجود فائض مرحل محقق بختامى السنة المالية 2002/2003 مبلغ 23.1 مليون جنيه، قام بسحب مبلغ 487.2 مليون جنيه على المكشوف من حساباته المفتوحة لدى البنك المركزى المصرى، وبلغت أعباء خدمة هذا المبلغ 212.8 مليون جنيه أدخلها البنك المركزى ضمن حسابات الحكومة، مما اضطر وزارة المالية إلى أدائه، وهى غير مكلفة بذلك، ومن ثم يضحى المجلس الأعلى للآثار ملتزما بأداء هذا المبلغ لوزارة المالية، حتى لا يثرى على حساب وزارة المالية بما أدته إلى البنك المركزى.
إلا أن المجلس الأعلي للآثار ارتأى تعقيباً على ذلك الإفتاء أن قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 الذي استند إليه الإفتاء السابق ولائحة الخدمات المصرفية للبنك المركزي تم العمل بهما من 18 من يناير سنة2004 عن الأيام الفعلية بعد الإقراض والخصم، وبالتالي فمقابل الخدمات لا يجوز حسابه إلا من تاريخ العمل بهذه اللائحة، وأن المركز القانوني لرصيد المديونية تكون في ظل أوضاع سابقة على صدور القانون المذكور واللائحة. كما أن البنك لم يطالب بالمبالغ إلا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على بداية الاستحقاق بما يقطع بعدم صحة إدعائه وتقادم الحق في المطالبة بهذه المبالغ، فضلاً عن أن تدبير تلك المبالغ ليس أمراً يسيراً بالإضافة إلى مخالفته لقرار رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 1978، لذلك فقد طالب وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للآثار إعادة عرض النزاع على الجمعية العمومية.
وإزاء إنشاء وزارة الدولة لشئون الآثار وأختصاص سيادتكم بشئون المجلس الأعلى للآثار وفقاً لنص قرار رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة رقم 283 لسنة 2012.
نفيد أن الموضوع عرض علي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 7 من شعبان سنة 1433هـ الموافق 27 من يونيه سنة 2012م، فتبين لها أن المادة (66) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن تختص الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بإبداء الرأى مسبباً فى المسائل والموضوعات الآتية:- أ- …… ب- ……. ج-……. د- المنازعات التى تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض. ويكون رأى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذه المنازعات ملزماً للجانبين …….
واستظهرت الجمعية العمومية من ذلك، أن المشرع ناط بالجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع الاختصاص بإبداء الرأى مسبباً فى الأنزعة التى تنشب بين الجهات الإدارية التى حددها فى المادة (66/ د) المشار إليها، وذلك بديلاً عن استعمال الدعوى كوسيلة لحماية الحقوق وفض المنازعات، وأضفى المشرع على رأيها صفة الإلزام للجانبين، حسماً لأوجه النـزاع وقطعاً له. ولم يعط لجهة ما الحق فى التعقيب على ما تنتهى إليه الجمعية العمومية من رأى ملزم. وعليه فإن الرأى الصادر عن الجمعية العمومية فى مجال المنازعات هو رأى نهائى حاسم منهٍ لأوجه النـزاع، تستنفد به الجمعية العمومية ولايتها، فلا يجوز لها معاودة نظره من جديد، حتى لا يظل النـزاع مطروحاً إلى ما لا نهاية.
وعلى هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن النـزاع الماثل سبق عرضه على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 1 من نوفمبر 2006 حيث انتهت إلى إلزام المجلس الأعلى للآثار بإداء مبلغ 212.8 مليون جنيه لوزارة المالية مقابل أعباء خدمة المبالغ التى قامت بسحبها على المكشوف من البنك المركزى المصرى وذلك على النحو المبين تفصيلا بالإسباب، وإذ لم يجدّ من الأوضاع ولا من ظروف الحال أي أمر ما لم يكن تحت نظر الجمعية العمومية لدى إصدارها لإفتائها المتقدم، ولم يطرأ من الموجبات ما يقضى إلى معاودة النظر من جديد في المنازعة، فمن ثم فإنه لا يجوز والحال هكذا معاودة نظر النـزاع مرة أخرى لسابقة الفصل فيه.
لــــذلـــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز نظر النزاع لسابقة الفصل فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2012
رئـــيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السيد المستشار/ أحمد شمس الدين خفاجى
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة