الفتوى رقم 362 لسنة 1950 بتاريخ فتوى : 1950/10/01 و تاريخ جلسة : 1950/11/05 و رقم الملف : 37-1-17
موضوع الفتوى:
عوائد أملاك – مبان ملك الغير
لا يعتبر ملك الأرض مسئولا ً عن عوائد الأملاك المستحقة على المبانى المملوكة للغير والقائمة على أرضه
نص الفتوى:
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
رقم التبليغ: 362
بتاريــخ:
ملف رقم: 37/1/17
حضرة صاحب المعالي وزير المالية..
تحية طيبة وبعد…
إيماء إلى كتاب معاليكم رقم ف48 – 3/38 المؤرخ 11 من أكتوبر سنة 1950 في شأن عوائد الأملاك المستحقة على الأبنية المملوكة لغير مالك الأرض المقامة عليها أتشرف بإبلاغ معاليكم أن قسم الرأي مجتمعًا بحث بجلسته المنعقدة في 5 من نوفمبر سنة هذا الموضوع الذي يتلخص في أن إدارة الرأي لوزارة المالية أفتت بكتابها رقم 4005 المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1949 بأن المادة 15 من الأمر العالي الصادر في 13 من مارس سنة 1883 تنص على أن: للحكومة الامتياز في تحصيل العوائد المطلوبة لها باستيلائها إياها من إيجارات وإيرادات الأبنية في أية يد وجدت أو من الأبنية نفسها إن لم يكف إيجارها وباقي إيراداتها لتسديد المستحق عليها من العوائد ومفهوم هذا النص أن العوائد تحصل من إيجار وإيراد الأبنية وإن لم يكف هذا الإيراد ينفذ بالباقي على الأبنية نفسها فإذا كان المالك للأرض شخصًا آخر غير المالك للأبنية يلزم صاحب المباني التي ربطت باسمه العوائد دون صاحب الأرض وهذا يتفق مع ما أفتى به قسم القضايا بكتابه رقم 452 المؤرخ 21 من أكتوبر سنة 1929 وأنه لهذه الاعتبارات لا يكون مالك الأرض مسئولاً عن عوائد المباني المملوكة للغير.
وتطلب وزارة المالية إعادة النظر في هذه الفتوى للأسباب الآتية:
أولاً : إن دين الضريبة وإن كان التزامًا شخصيًا إلا أنه ذو صيغة عينية بدليل أنه في حالة انتقال ملكية العقار من شخص إلى آخر واستحقاق ضريبة على المالك الأول تصبح الضريبة مستحقة على المالك الأخير للعقار فكأن الضريبة تستحق على العين ذاتها والعين تشمل المبنى والأرض المقامة عليها.
ثانيًا : أن القيمة الإيجارية للمبنى التي تتخذ أساسًا لربط العوائد تقدر على أساس صفع الأرض وموقعها وقد تبلغ قيمتها أكثر من قيمة المنشآت المقامة عليها.
ثالثًا : أن صاحب الأرض يحصل على قسط كبير من الإيراد الذي يحققه صاحب المباني بما يتناسب مع قيمة أرضه فمن المعقول أن يتحمل نصيبه من الضريبة المقررة على العقار وإلا ترتب على ذلك أن يصبح إيراده من ملكه غير خاضع لأية ضريبة وهذا وضع شاذ في نظام الضرائب في مصر إذ تخضع جميع أنواع الإيرادات المنقولة وغير المنقولة للضريبة.
رابعًا : أن إعفاء مالك الأرض ينقص من قيمة الامتياز المقرر للحكومة لدين ضريبة المباني وذلك أن بعض الأراضي الفضاء بالمدن الكبيرة تخصص كمقاهي أو ملاعب أو دور للتمثيل أو للصور المتحركة والمنشآت التي تقام عليها تكون ضئيلة القيمة وأغلبها من المنقولات في حين أنها تدر إيرادًا كبيرًا على المنتفعين بها فإذا لم تف هذه المنشآت بقيمة العوائد ترتب على ذلك ضياع حق الخزانة مما يجعل الامتياز المقرر للحكومة صوريًا.
خامسًا: أن الأمر العالي الصادر في سنة 1884 لا ينطوي على أية تفرقة بين الأرض المقام عليها المبنى وبين المبنى ذاته.
وببحث الحجة الأخيرة من هذه الحجج أولاً – لأنه على أساس صحتها أو عدم صحتها تقوم باقي الحجج أو تنهار – تبين أن الأمر العالي الصدر في 13 من مارس سنة 1884 إنما يقرر العوائد على الأبنية دون الأرض وهذا لا مجال للشك فيه. إذ الأمر معنون أمر عال بإجراءات تتعلق بعوائد جميع أبنية القطر المصري ذات الإيراد.
ونص في المادة الأولى منه على فرض عوائد باعتبار جزء من اثني عشر من قيمة الأجرة عن بيوت السكن واللوكاندات والمخازن والدكاكين والوابورات والمعامل والأملاك ذات الإيراد batimont dexploitation وبالجملة عن جميع أبينة القطر المصري.
ثم نص في سائر مواده على الأبنية ومقدارها وتقدير أجرتها (مادة 4) وإنشاء الأبنية الجديدة (مادة 6) والإبلاغ عما حصل من انتقال الملكية في الأبنية (مادة 10) ….إلخ وإذن فالقول بأن الأمر العالي الصادر في سنة 1884 لا يفرق بين الأرض المقام عليها البناء وبين المبنى ذاته لا سند له من القانون وتنقضه النصوص الصريحة فالعوائد مقررة على الأبنية لا على الأرض. والأرض الفضاء لا يخضع مالكها للضريبة المنصوص عليها في هذا الأمر.
فإذا ما تقرر ذلك كان الرد على باقي الحجج ميسورًا:
فأولاً : إن دين الضريبة حق شخصي لا عيني وتعلقه بالعين لا ينفي شخصيته بدليل أن الالتزام لا ينتقل إلى المالك الجديد إلا إذا لم يحصل تبليغ بانتقال الملكية في الخمسة عشر يومًا الأولى من شهر نوفمبر من كل عام (المادة العاشرة) ومفهوم المخالفة من ذلك أنه إذا حصل هذا التبليغ لا يكون مسئولاً عن الضريبة المستحقة سوى المالك القديم.
وعلى كل حال فإن تعلق الضريبة إنما يكون بالبناء المقررة عليه هذه الضريبة لا بالأرض المقام عليها ذلك البناء.
وثانيًا : أن كون القيمة الإيجارية للمبنى التي تتخذ أساسًا لربط العوائد تقدر على أساس صقع الأرض وموقعها لا حجة فيه لأن الموقع والصقع كما تنسب إليهما الأرض ينسب إليهما البناء أيضًا وإيجاره كما يختلف باختلاف موقعه يختلف كذلك باختلاف طبيعته (عمارة. فيلا. مخزن) طريقة إقامته واتساعه أو ضيقه إلى غير ذلك من الصفات المتصلة بالمبنى ذاته لا بالأرض.
وثالثًا : أن عدم خضوع مالك الأرض وحدها لأية ضريبة على إيراده المحصل من إيجار أرضه لا يقوم اعتراضًا على صحة الفتوى محل البحث بل هو عيب في التشريع القائم.
ورابعًا: لا محل للقول بأن إعفاء مالك الأرض ينقص من قيمة الامتياز المقرر للحكومة خصوصًا في حالة كون المنشآت ضئيلة القيمة لا محل لهذا القول لأن الأمر ليس فيه إعفاء بل عدم مسئولية أصلاً ولا يمكن القول بتضامن مالك الأرض مع مالك المباني في الالتزام بدين الضريبة إلا بنص صريح. ولا نص في هذه الحالة.
لذلك انتهى رأي القسم إلى تأييد الفتوى الصادرة من إدارة الرأي لوزارة المالية بكتابها رقم 4005 المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1949 بأن مالك الأرض ليس مسئولاً عن عوائد المباني المقامة على أرضه والمملوكة للغير.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،،،،
تحريرًا في: 12 نوفمبر سنة 1950
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
سليمان حافظ
نائب رئيس مـجـلـس الـدولــة