الفتوى رقم 1016 لسنة 2020 بتاريخ فتوى : 2020/05/20 و تاريخ جلسة : 2020/04/22 و رقم الملف : 86/4/1994
موضوع الفتوى:
بشأن طلب إعادة النظر في إفتاء الجمعية العمومية السابق الذي انتهى إلى خضوع المرشحين لشغل الوظائف القيادية من أعضاء الإدارات القانونية بصندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي، لأحكام قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1973.
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2020
ملف رقم: 86 /4/1994
السيدة الأستاذة/ وزير التضامن الاجتماعي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (13) المؤرخ 4/7/2019، بشأن طلب إعادة النظر في إفتاء الجمعية العمومية السابق الذي انتهى إلى خضوع المرشحين لشغل الوظائف القيادية من أعضاء الإدارات القانونية بصندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي، لأحكام قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1973.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أن الجمعية العمومية كانت قد انتهت في إفتائها الصادر بجلسة 13/3/2019 والمُبلغ إلى رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إلى خضوع المرشحين لشغل الوظائف القيادية من أعضاء الإدارات القانونية بصندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي لأحكام قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1973، وتطلبون إعادة النظر في هذا الإفتاء في ضوء الأسباب والمبررات المبينة تفصيلا بكتابكم السالف ذكره.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 22 من إبريل عام 2020م الموافق 29 من شعبان عام 1441هـ؛ فاستعرضت الأسباب التي شيدت عليها إفتاءها الصادر بجلسة 13/3/2019 الذي انتهى إلى خضوع المرشحين لشغل الوظائف القيادية من أعضاء الإدارات القانونية بصندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي لأحكام قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1973، وذلك على النحو المبين تفصيلا بالأسباب، فتبين لها أنها انتهت إلى هذه النتيجة تأسيسًا على أن المشرع فى قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1973، أنشأ الإدارات القانونية أجهزة معاونة بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، ومنح أعضاءها ضمانات تكفل لهم الاستقلال والحياد فى أداء أعمالهم، وأنه بموجب القانون رقم (1) لسنة 1986 بتعديل بعض أحكامه، أضحت الوظائف الفنية لأعضاء الإدارات القانونية تبدأ من درجة محامٍ المُعادلة للدرجة الثالثة، وتنتهى بدرجة مدير عام إدارة قانونية المعادلة لدرجة مدير عام، وأن المشرع في ذلك القانون نظّم شروط وطرق شغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية، فاشترط فيمن يشغل إحدى هذه الوظائف فضلا عن توفر الشروط المقررة في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وقانون نظام العاملين بالقطاع العام- بحسب الأحوال- أن يكون مقيدًا بجدول المحامين المشتغلين، وأن يكون قد مضى على قيده المدة المحددة قرين كل وظيفة من الوظائف المحددة به. ويكون شغل هذه الوظائف إما عن طريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة، وذلك بالنسبة إلى شغلها داخليًّا من بين المخاطبين بأحكامه، أو أن يتم شغلها عن طريق التعيين في حدود النسبة المقررة قانونًا، وذلك حال شغلها من الخارج من غير المخاطبين به. وقد تضمنت هذه الأحكام تحديد المعاملة المالية لشاغلى الوظائف الفنية لأعضاء الإدارات القانونية من رواتب وعلاوات، وعهدت بتقدير كفايتهم إلى جهة مستقلة عن السلطات الرئاسية للجهات التي يعملون بها، وذلك تحقيقًا للغاية من تقرير هذا النظام، ومن ثم يُعد هذا النظام هو الأساس الحاكم لشئونهم الوظيفية تعيينًا وترقية، وغير ذلك، ولتحديد معاملتهم المالية، سواء أكانت أقل، أم أكثر سخاءً من تلك الواردة بالتشريعات المنظمة لأوضاع العاملين المدنيين بالدولة، أو القطاع العام؛ الأمر الذى لا يجوز معــه- كقاعدة عامة- إهدار أحكام هذا النظام الخاص والرجوع إلى القانون العام في كل ما سكت القانون المذكور عن تنظيمه، لِما فى ذلك من مجافاة صريحة للغرض الذي من أجله وُضع هذا النظام، ومن ثمَّ فإن اللجوء إلى أحكام القانون العام بالنسبة إلى شاغلى الوظائف الفنية بالإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها، لا يكون إلا فى المسائل التى لم يتناولها القانون الحاكم لشئونهم، وفيما لا يتعارض مع طبيعة النظام الوظيفى الذى تضمنه. وتأسيسًا كذلك على أن المشرع فى القانون رقم (5) لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، عرّف الوظائف القيادية تعريفًا جامعًا يشمل جميع الوظائف التى يتولى شاغلوها الإدارة القيادية بأنشطة الإنتاج، أو الخدمات، أو تصريف شئون الجهات التي يعملون فيها من درجة مدير عام، أو الدرجة العالية، أو الدرجة الممتازة، أو الدرجة الأعلى وما يعادلها، وقرّر انطباق أحكامه على جميع الوظائف القيادية فى الجهات الواردة فى المادة الأولى منه، ومن بينها هيئات القطاع العام وشركاته, وذلك لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدة، أو مدد أخرى، وفى حال عدم التجديد لشاغل الوظيفة القيادية يتم نقله إلى وظيفة أُخرى غير قيادية بدرجته الوظيفية ذاتها مع احتفاظه بجميع مميزاته المالية التى كان يتقاضاها، ولم يستثنِ من الخضوع لأحكام هذا القانون سوى الجهات الواردة بالمادة الثالثة منه.
وبعد أن قامت الجمعية العمومية باستعراض فتواها الصادرة في الملف رقم (58/1/159) بجلسة 1/11/2006، وكذا فتواها الصادرة في الملف رقم (86/6/692) بجلسة 22/3/2017 اللتين استظهرت فيهما أن القانون رقم (5) لسنة 1991 آنف الذكر قد تضمن تعديلا فى كيفية شغل الوظائف القيادية من درجة مدير عام وما يعلوها، وأضحت قواعده بهذا التعديل جزءًا لا ينفصم عن النظام الوظيفى الحاكم لشئون العاملين فى الجهات والشركات والبنوك المخاطبة بأحكامه، طبقًا للمادة الأولى منه، والذى يتكون من كل من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978، وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1978. وتبعًا لذلك فإنه حيثما يجرِ إعمال أحكام هذين القانونين، التزامًا بنص كل منهما، أو بنص فى قانون خاص يقرر ذلك، سواء كأصل يحكم الشأن الوظيفى للعاملين بالجهة، أو الشركة، أو البنك، أو كشريعة عامة يرجع إليها عند غياب النص فى التنظيم القانونى الخاص، يتعين إعمال أحكام القانون رقم (5) لسنة 1991 سالف الذكر، وحيثما يحجب هذا الإعمال، كأصل أو كشريعة عامة، نص خاص، أو لتعلق الأمر بمجال لا تنبسط إليه أحكام القانونين المذكورين من حيث الأصل، فإنه لا يكون ثمة وجه للحديث عن تطبيق أحكام ذلك القانون، بحسبانه جزءًا من كل، أو فرعًا يتبع الأصل، ويدور فى فلكه. وخلصت الجمعية العمومية إلى أنه لما كان قانون الإدارات القانونية آنف الذكر قد نظّم شروط وطرق شغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية، والتى من بينها وظيفة مدير عام إدارة قانونية، فمن ثم فإن مظلة هذا القانون- وما يتضمنه من أحكام– هى التى تنطبق على المرشحين لشغل الوظائف القيادية لأعضاء الإدارات القانونية، وذلك اتساقًا مع الطبيعة الخاصة للوظائف الفنية لأعضاء الإدارات القانونية بها، وتحقيقًا للغاية من تقرير هذا النظام الخاص، بحسبانه هو الأساس فيما يتعلق بشئونهم الوظيفية وتحديد معاملتهم المالية، وتبعًا لذلك لا يجوز الرجوع إلى القانون رقم (5) لسنة 1991 المُشار إليه أو إلى قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016، وذلك فيما يتعلق بشغل الوظائف القيادية بالإدارات القانونية، بالنظر إلى ما ينطوى عليه ذلك من مجافاة صريحة للغرض الموضوع من أجله، وذهبت الجمعية العمومية ردًا على القول بأن درجة مدير عام إدارة قانونية تعادل درجة مدير عام طبقًا للقانون رقم (1) لسنة 1986، وأن شغل وظيفة من درجة مدير عام هو شغل لإحدى الوظائف القيادية، بأن هذه المعادلة هى معادلة مالية لا تستطيل إلى خضوع شغلها لأحكام القانون رقم (5) لسنة 1991 المُشار إليه، بما يهدر الأحكام الخاصة الواردة في قانون الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها كما ذهبت ردًا على القول بأن القانون رقم (5) لسنة 1991 المُشار إليه، لم يستثنِ من الخضوع لأحكامه سوى الجهات الواردة بالمادة الثالثة منه، والتى ليس من بينها الوظائف الفنية لأعضاء الإدارات القانونية، بأن عدم خضوع أعضاء الإدارات القانونية لأحكام القانون المذكور، إنما يستند إلى الطبيعة الخاصة للوظائف الفنية التى يشغلونها، وهو ما حدا بالمشرع إلى إفرادها بأحكام خاصة بموجب القانون المذكور.
وتبين للجمعية العمومية– بعد هذا الاستعراض لأسباب إفتائها السابق– أن المادة (66) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 تنص على أن: تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مُسببًا في المسائل والموضوعات الآتية: أ – المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التي تُحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة….
واستعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاؤها من أن الفتوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إنما تتضمن بيانًا لحكم القانون وتكشف عن مقاصده ومعانيه، بما يحقق التناسق مع الهيكل التشريعي العام وبما تستقيم به الأحكام مطبقة على الوقائع والأحداث المتنوعة والمتغيرة، وإذا كان لجهات الإدارة أن تطلب من مجلس الدولة الرأي القانوني أو لا تطلبه، فلا يظهر وجه تقوم به الجهات السائلة بدور المصوب أو المصحح للنظر القانوني الذي تكون أرشدت إليه الجمعية العمومية بعد التأمل والفحص من ذوي الخبرة والتخصص في مجال الإفتاء والقضاء.
ولاحظت الجمعية العمومية أن الاعتبارات التي بنى عليها طلب إعادة عرض الموضوع الماثل عليها بشكل عام، إما تم التطرق إليها صراحة أو ضمنًا بالإفتاء السابق المطلوب إعادة النظر فيه وإما تتعلق بما ارتأته الجهة الإدارية من أن تطبيق هذا الإفتاء قد يثير بعض التساؤلات، واعتبار القانون رقم (5) لسنة 1991، ومن بعده قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016، هو الأفضل لحسن اختيار قيادات الإدارات القانونية بما يكفل حسن سير تلك الإدارات، وعدم تدهور العمل بها، وذلك على النحو المبين تفصيلا بكتاب طلب إعادة عرض الموضوع، وهي اعتبارات في مجملها لا تتضمن جديدًا يصلح سندًا لقيامها بإعادة النظر في إفتائها السابق أو العدول عنه، والذي كشفت فيه عن صحيح حكم القانون في الحالة المعروضة على نحو تنتهي معه الجمعية العمومية إلى تأييد هذا الإفتاء السابق.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى تأييد إفتائها السابق الصادر بجلسة 13/3/2019، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2020
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة