الفتوى رقم 125 لسنة 2022 بتاريخ فتوى : 2022/02/01 و تاريخ جلسة : 2022/01/12 و رقم الملف : 32/2/5312
موضوع الفتوى:
بشأن إعادة عرض طلب إبداء الرأى بخصوص مدى التزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسداد المصاريف والرسوم القضائية وأتعاب المحاماة وأتعاب الخبراء وكذا كافة رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من كافة الرسوم القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وذلك فى الدعاوى المقامة منها أو ضدها أمام كافة المحاكم بمختلف درجاتها وذلك فى ضوء إعفائها قانونًا من أداء الرسوم القضائية،
وما إذا كان هذا الإعفاء يقتصر على الهيئة فحسب أم يمتد إلى المُؤمّن عليهم وأصحاب المعاشات المستحقين.
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2022
الملف رقم: 32/2/5312
السيدة الأستاذة/ وزير التضامن الاجتماعى
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (6241) المؤرخ 11/10/2021، المُوجه إلى السيد الأستاذ المستشار/
رئيس مجلس الدولة، بشأن إعادة عرض طلب إبداء الرأى بخصوص مدى التزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسداد المصاريف والرسوم القضائية وأتعاب المحاماة وأتعاب الخبراء وكذا كافة رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من كافة الرسوم القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وذلك فى الدعاوى المقامة منها أو ضدها أمام كافة المحاكم بمختلف درجاتها وذلك فى ضوء إعفائها قانونًا من أداء الرسوم القضائية،
وما إذا كان هذا الإعفاء يقتصر على الهيئة فحسب أم يمتد إلى المُؤمّن عليهم وأصحاب المعاشات المستحقين.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق- أنه ورد إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي العديد من أوامر تقدير الرسوم والمطالبات في الدعاوى التي تكون الهيئة طرفًا فيها بشأن المصاريف والرسوم القضائية وأتعاب المحاماة، وذلك نفاذًا للكتب الدورية الصادرة عن مساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمطالبة القضائية، والتعليمات الموجهة إلى موظفى قسم المطالبات بمحاكم مجلس الدولة علي مختلف درجاتها، فيما تضمنته
من أن إعفاء الهيئة والمُؤمن عليهم من سداد الرسوم القضائية ينحسر عند رفع الدعاوي ابتداء فحسب،
دون أن يمتد هذا الإعفاء عند صدور أحكام فيها، حيث يتم مطالبة الهيئة بسداد الرسوم والمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة عند صدور حكم في الدعوي ضد الهيئة، كما دأبت المحاكم على الامتناع عن تسليم محامِي الهيئة أية صور لأحكام قضائية أو شهادات في الدعاوي الصادر فيها الحكم ضد الهيئة قبل سداد الرسوم والمصاريف القضائية، مما يعرقل الطعن فى هذه الأحكام خلال المواعيد المقررة قانونًا، وذلك كله على الرغم من أن المشرع لم يكتفِ بما نصت عليه المادة (50) من قانون الرسوم القضائية الصادر بالقانون رقم (90) لسنة 1944 من عدم استحقاق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، ولا على ما يطلب من الكشف والصور والملحقات والشهادات والترجمة لمصالح الحكومة، بل أفرد ميزة خاصة للفئات المُنتفعة بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة ۲۰۱۹ (أصحاب المعاشات والأرامل والمستحقين) حمايةً لهم؛ إذ قرر في المادة (۱۲6) من القانون المشار إليه- التي حلّت محل المادة (137)
من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة ۱۹۷5- حكمًا أساسيًّا مقتضاه أن تُعفي من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة أو المُؤمن عليهم أو المستحقون طبقًا لأحكام هذا القانون، بما يستتبعه ذلك من وجوب التقرير بإعفاء الهيئة من سداد كافة المصاريف والرسوم والأتعاب المشار إليها في الدعاوى المقامة منها أو ضدها، دعمًا لها فى أداء دورها المنوط بها، وحمايةً لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، الأمر الذى أثيرت معه التساؤلات الماثلة، وإزاء ذلك طلب السيد اللواء/ رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، وبعرضه عليها انتهت بجلستها المعقودة فى 8/9/2021 إلى عدم قبول طلب الرأى الماثل لوروده من غير ذى صفة، بَيْدَ أنكم تطلبون إعادة عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 12 من يناير عام 2022م، الموافق 9 من جمادى الآخرة عام 1443هـ؛ فتبين لها أن المادة (1) من قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بالقانون رقم (90) لسنة 1944– المعدلة بموجب القانون رقم (126) لسنة 2009– تنص على أن: يُفرض في الدعاوى معلومة القيمة رسم نسبى قدره حسب الفئات الآتية…، وأن المادة (3) منه– المعدلة بموجب القانون رقم (126) لسنة 2009– تنص على أن: يُفرض على استئناف الأحكام الصادرة في الدعاوى معلومة القيمة رسمٌ نسبي على أساس الفئات المبينة في المادة الأولى، ويُراعى في تقدير الرسم القيمة المرفوع بها الاستئناف. ويُفرض في الدعاوى المُستأنفة مجهولة القيمة رسمٌ ثابت على النحو الآتي:… ويُسوى رسم الاستئناف في حالة تأييد الحكم المُستأنف باعتبار أن الحكم الصادر بالتأييد حكم مُكمل للحكم المستأنف، ويُستحق عنهما رسمٌ نسبي واحد، وأن المادة (4) منه- المستبدلة بموجب القانون رقم (126) لسنة 2009– تنص على أن: يُفرض رسم ثابت مقداره خمسة وسبعون جنيهًا على الطعون بالنقض… ويُفرض في دعاوى التماس إعادة النظر رسم ثابت حسب درجة المحكمة المرفوع إليها الالتماس…، وأن المادة (10) منه- المستبدلة بموجب القانون رقم (66) لسنة 1964– تنص على أن: تُحصل الرسوم المستحقة جميعها عند تقديم صحيفة الدعوى أو الطعن أو الطلب أو الأمر، وذلك مع عدم الإخلال بما ينص عليه هذا القانون من أحكام مخالفة، وأن المادة (14) منه تنص على أن: يُلزم المدعي بأداء الرسوم المستحقة عند تقديم صحيفة دعواه إلى قلم الكتاب، كما يُلزم بأداء ما يستحق عنها من رسوم أثناء نظرها وحتى تاريخ قفل باب المرافعة فيها. وتصبح الرسوم التزامًا على الطرف الذي ألزمه الحكم بمصروفات الدعوى… وتُسلم للمحكوم له صورة تنفيذية من الحكم دون توقف على تحصيل باقي الرسوم الملتزم بها الغير، وأن المادة (50) منه تنص على أنه: لا تُستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. فإذا حُكم في الدعوى بإلزام الخصم بالمصاريف استُحقت الرسوم الواجبة. كذلك لا تُستحق رسوم على ما يُطلب من الكشف والصور والملخصات والشهادات والترجمة لمصالح الحكومة، وأن المادة (51) منه تنص على أن: تشمل الرسوم المفروضة جميع الإجراءات القضائية من بدء رفع الدعوى إلى حين الحكم فيها وإعلانه ومصاريف انتقال القضاة وأعضاء النيابة والخبراء والموظفين والمترجمين والكتبة والمحضرين وما يستحقونه من التعويض في مقابل الانتقال. وتشمل أوامر التقدير الخاصة بالمصاريف وأتعاب الخبراء وتعويض الشهود وأتعاب المحامين التي تقدرها المحكمة لصالح الخصم قبل الخصم الآخر وأجرة الحراس وتقدير الرسوم القضائية وذلك فيما عدا ما نُص عليه في هذا القانون.
ويشمل الرسم الثابت في قضايا النقض جميع الإجراءات القضائية التي يطلبها الطاعن عدا المذكرات،
وأن المادة (56) منه تنص على أنه: مع عدم الإخلال بحكم المادة (14) من هذا القانون، لا يجوز إعطاء غير المحكوم لصالحه أية صورة أو ملخص أو شهادة أو ترجمة من أي دعوى أو من أي دفتر أو من أي ورقة إلا بعد تحصيل ما يكون مستحقًّا من الرسوم على القضية أو على أصل الأوراق إلا إذا كان طالب الصورة
هو المدعى عليه وكان محكوما برفض الدعوى لصالحه، وأن المادة (61) منه تنص على أنه: لا يجوز مباشرة
أي عمل إلا بعد تحصيل الرسم المستحق عليه مقدمًا. أما إذا تعلق الأمر بدعوى مرفوعة من الحكومة أو من شخص أُعفي من الرسوم وحُكم فيها على المدعى عليه، وأراد المحكوم عليه الطعن في هذا الحكم، فلا يؤخذ منه سوى رسم الطعن. وأن المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 1968 تنص على أنه: يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، ويُحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة….
وتبين لها أيضا أن المادة (3) من مواد إصدار القانون رقم (47) لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن: تُطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتُطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، وأن المادة (4) منه تنص على أن: تسري القواعد المُتعلقة بتحديد الرسوم المعمول بها حاليًّا وذلك إلى أن يصدر قانون الرسوم أمام مجلس الدولة…. وأن المادة (3) من قرار رئيس الجمهورية رقم (549) لسنة 1959 بشأن الرسوم القضائية أمام مجلس الدولة تنص على أن: تُطبق الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية في المواد المدنية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في الأحكام المتعلقة بالرسوم أمام محاكم مجلس الدولة. وأن المادة (187) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1983- المعدلة بموجب القانون رقم (147) لسنة 2019- تنص على أنه: على المحكمة من تلقاء نفسها وعند إصدار حكمها أن تُلزم من خسر الدعوى بأتعاب المحاماة لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية بحيث لا تقل عن الآتي: 1-خمسين جنيهًا في الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الجزئية. 2-خمسة وسبعين جنيهًا في الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الابتدائية والإدارية. 3-مائة جنيه في الدعاوى المنظورة أمام محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري. 4- مائتي جنيه في الدعاوى المنظورة أمام محاكم النقض والإدارية العليا والدستورية العليا. وتُحصل أتعاب المحاماة مع الرسوم القضائية عند قيد الدعوى…،
وأن المادة (188) من هذا القانون تنص على أن: تؤول إلى الصندوق أتعاب المحاماة المحكوم بها في جميع القضايا… وتأخذ هذه الأتعاب حكم الرسوم القضائية، وتتولى أقلام الكتاب تحصيلها لحساب الصندوق بذات القواعد المقررة لتحصيل الرسم بمقتضى قوانين الرسوم القضائية….
كما استبان لها كذلك أن المادة (1) من قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم (61) لسنة 1963 تنص على أن: يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء هيئة عامة، لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة
أو خدمة عامة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وأن المادة (5) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975– قبل إلغائه بقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019- كانت تنص على أنه: في تطبيق أحكام هذا القانون يُقصد: (أ) بالهيئة المختصة: الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي…، وأن المادة (137) منه كانت تنص على أن: تُعفى من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أو المُؤمّن عليهم أو المستحقون طبقًا لأحكام هذا القانون،
ويكون نظرها على وجه الاستعجال، وللمحكمة في جميع الأحوال الحكم بالنفاذ المؤقت وبلا كفالة. وأن المادة (1) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 تنص على أنه:
في تطبيق أحكام هذا القانون، يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: 1-… 2-… 3-الهيئة: الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي…، وأن المادة (126) منه تنص على أن: تُعفي من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة أو المُؤمّن عليهم أو أصحاب المعاشات
أو المستحقون طبقًا لأحكام هذا القانون، ويكون نظرها على وجه الاستعجال، وللمحكمة في جميع الأحوال الحكم بالنفاذ المُعجل وبلا كفالة.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن الغرض الأساسي من اقتضاء الرسوم مقابل الخدمة التي يؤديها المرفق العام هو غرض مالي، فجهة الإدارة تستهدف من فرض الرسم الحصول على إيرادات للخزانة العامة تواجه بها جزءًا من النفقات العامة التي تتحملها في سبيل توفير هذه الخدمة، وأنه من المقرر دستورًا وقانونًا أن الرسوم القضائية تُعد مساهمة من جانب المتقاضين مع الدولة في تحمل نفقات مرفق القضاء، وأن المشرع بموجب المادة (50) من قانون الرسوم القضائية ورسم التوثيق في المواد المدنية الصادر بالقانون رقم (90) لسنة 1944– المشار إليه– قصر الإعفاء من الرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون تلك المرفوعة ضدها، وهذا النص إنما هو نص استثنائي باعتباره يقرر إعفاء خروجًا على الأصل العام، لذا فإن حالات الإعفاء التي ترد به إنما تكون مُحددة حصرًا، فلا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها أو مدّ نطاق تطبيقها إلى حالات لم يشملها النص، ومُؤدى ذلك أن الدعاوى التي ترفعها الحكومة لا يُستحق عنها رسوم عند رفع الدعوى، فإذا حُكم بإلزام الخصم المصروفات استُحقت الرسوم الواجبة، وتُحصَّل من الخصم باعتبارها جزءًا من المصروفات، أما الدعاوى التي تُرفع ضد الحكومة فيؤدي المدعي الرسوم عند رفع الدعوى، فإذا حُكم ضد الحكومة وأُلزمت المصروفات، فإنها تلتزم برد المصروفات التي أنفقها الخصم المحكوم لمصلحته ومنها الرسوم، وبذلك فلا إعفاء من الرسوم في هذه الحالة.
واستعرضت الجمعية العمومية ما انتهى إليه إفتاؤها من أنه لم يعد ثمة مجال للتفرقة بين الحكومة بمعناها الضيق والهيئات العامة في مجال تطبيق حكم المادة (50) من قانون الرسوم القضائية سالف الذكر؛
فمن ثم فإن الهيئات العامة تُعفى من أداء الرسوم القضائية فى الدعاوى التى تُرفع منها، أما الدعاوى التى تُرفع ضدها ويُحكم فيها عليها، فتكون هى الملزمةَ برد المصروفات شاملةً الرسوم القضائية وأتعاب المحاماة بحسبان أن تلك المصروفات قد أنفقها رافع الدعوى ولم يشملها الإعفاء المقرر في المادة (50) من القانون رقم (90) لسنة 1944 المشار إليه، وأنه علاوة على الإعفاء المقرر بوجه عام للحكومة والهيئات العامة بموجب المادة (50) من القانون رقم (90) لسنة 1944 المشار إليه، فإن المشرع، بموجب نص المادة (137) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975 (الملغى)، والذي يقابله نص المادة (126)
من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 (الحالى)، أعفى بوجه خاص الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أو المُؤمّن عليهم أو المستحقون أو أصحاب المعاشات من الرسوم القضائية على الدعاوى التي يقومون برفعها للفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي ثم من بعده قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات دون سواهما من القوانين الأخرى، ومن ثم فإن اختصام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في دعاوى تُقام بشأن تطبيق قانون آخر لا يُعفَى رافعها من أداء الرسوم القضائية المقررة في تلك الدعاوى، ذلك أن عبارة القانون واضحة لا لبْس فيها، ولا يجوز الانحراف عن إرادة المشرع عن طريق التفسير أو التأويل أيًّا كان الباعث على ذلك.
واستعرضت الجمعية العمومية أيضًا ما استقر عليه إفتاؤها من أن أحكام قانون المرافعات تُطبق على الدعاوى المقامة أمام محاكم مجلس الدولة فيما لم يرد فيه نص في قانون مجلس الدولة المشار إليه، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي بمجلس الدولة، وأن المشرع أوجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى،
ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، ويدخل في حساب هذه المصاريف مقابل أتعاب المحاماة، وأن المصاريف القضائية أعم وأشمل من الرسوم، إذ تشمل بالإضافة إلى الرسوم التي استلزمها المشرع
في الدعوى جميع المصاريف اللازمة لسيرها والحكم فيها، فضلا عن مقابل أتعاب المحاماة ، وعلى ذلك يقتصر نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية على ما هو مُستحق فقط للدولة، أما ما ينفقه الخصم الذي كسب الدعوى من رسوم أو مصاريف فإن خاسر الدعوى يلتزم بها عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات ما لم ينص القانون صراحة على أن الإعفاء من الرسوم يشمل المصاريف المنصوص عليها في المادة المشار إليها.
كما استعرضت الجمعية العمومية فتواها السابقة الصادرة بجلسة 26 من فبراير عام 2020 (الملف رقم 37/2/833)، وما انتهت إليه من أن المشرع، بموجب القانون رقم (147) لسنة 2019 بتعديل قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1983، قد قرر تحصيل أتعاب المحاماة مع الرسوم القضائية عند قيد الدعوى، ومن ثم فإنه بموجب هذا التعديل قد أضْحت أتعاب المحاماة تُحصّل مُقدمًا عند قيد الدعوى، بخلاف الأصل العام المقرر في هذا الشأن من أنها تُحصل من المحكوم عليه بعد صدور الحكم في الدعوى، إلا أن المشرع قرنَ تحصيل أتعاب المحاماة بتحصيل الرسوم القضائية عند قيد الدعوى، ومن ثم فإن ثمة ارتباطًا بين تحصيل الرسوم القضائية وتحصيل أتعاب المحاماة، باعتبار أن الأصل هو تحصيل الرسم عند قيد الدعوى، فإذا تخلف هذا الأصل وهو أداء الرسوم القضائية لكون الجهة رافعة الدعوى مُعفاة من الرسوم، فإنه يكون قد تخلف مناط تحقيق الفرع المترتب على هذا الأصل، وهو تحصيل أتعاب المحاماة مقدمًا، ويتعين إرجاء تحصيل أتعاب المحاماة عند قيد الدعوى حتى يتم الفصل فيها، وتُحصل من المحكوم عليه فيها، باعتبار أنها ستُحصل في نهاية المطاف من خاسر الدعوى، يؤيد ذلك أن المشرع لم يوجب تحصيل أتعاب المحاماة مُقدما بالنسبة إلى الجهات المعفاة من الرسوم، ولم يتعرض لحالة ما إذا كانت الجهة معفاة من الرسوم، مما يتعين معه الرجوع إلى الأصل العام المقرر في هذا الشأن، وهو إرجاء تحصيلها إلى حين صدور حكم في الدعوى.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أنه ولئن كان المشرع قد أعفى مصالح الحكومة من الرسوم المستحقة على ما تطلبه من الكشف والصور والملخصات والشهادات والترجمة، فإنه حظر بموجب نص المادة (56) من القانون المشار إليه إعطاء أية صورة أو ملخص أو شهادة أو ترجمة من أية دعوى أو من أي دفتر أو من أي ورقة إلا بعد تحصيل ما يكون مُستحقا من الرسوم على الدعوى أو على أصل الأوراق ما لم يكن طالب الصورة هو المُدعَى عليه وكان محكومًا برفض الدعوى لصالحه، بما مُؤداه أنه يتعين الامتناع عن تسليم صور الأحكام لخاسر الدعوى أيًّا كانت طبيعته القانونية، سواء أكان شحصًا طبيعيًّا أم شخصًا معنويًّا عامًّا
أو خاصًّا، قبل سداد ما يكون مُستحقًّا عليه من مصروفات بمختلف عناصرها ومن ضمنها الرسوم القضائية وأتعاب المحاماة.
وهديًا بما تقدم، ولما كان الثابت- فيما يخص التساؤل الخاص بتحديد مدى الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر قانونا للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي- أن المشرع بموجب المادة (50) من قانون الرسوم القضائية المشار إليه قد أعفى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بوصفها إحدى المصالح الحكومية، من أداء الرسوم القضائية فى الدعاوى التى تُرفع منها، فمن ثم يكون من مُؤدى ذلك أن ينحصر مدى هذا الإعفاء فى الدعاوى المرفوعة من الهيئة المشار إليها ولا يُقضى فيها لصالحها، دون أن يمتد إلى الدعاوى المرفوعة ضدها ويصدر فيها أحكام لصالح خصومها.
وفيما يتعلق بالتساؤل الخاص بتحديد نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية، فإن المستقر عليه قضاءً وإفتاءً أن مفهوم المصاريف القضائية أعمّ وأشمل من مفهوم الرسوم، إذ تشمل بالإضافة إلى الرسوم التي استلزمها المشرع في الدعوى، جميع المصاريف اللازمة لسيرها والحكم فيها، فضلا عن مقابل أتعاب المحاماة، وعلى ذلك يقتصر نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية على ما هو مُستحق فقط للدولة، أما ما ينفقه الخصم الذي كسب الدعوى من رسوم أو مصاريف، فإن خاسر الدعوى يلتزم بها عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات، ومن ثم يتعين إلزام الهيئة المشار إليها حال صدور حكم بخسارتها الدعوى وإلزامها المصروفات بكل ما أنفقه الخصم الذي كسب الدعوى من المصروفات القضائية الأخرى بما تشمله من رسوم قضائية وإدارية ورسوم تنفيذ وأتعاب محاماة، ما لم تكن الهيئة هى من قام برفع الدعوى التى صدر فيها حكم ضدها،
فتُعفى فحسب من الرسوم القضائية دون باقى المصروفات المشار إليها.
وفيما يتعلق بالتساؤل الخاص بمدى التزام الهيئة بسداد أتعاب المُحاماة عند قيد الدعاوى أو الطعون المُقامة منها، فإن المشرع بموجب القانون رقم (147) لسنة 2019 بتعديل قانون المحاماة الصادر بالقانون
رقم (17) لسنة 1983، قد أوجب تحصيل أتعاب المحاماة مع الرسوم القضائية عند قيد الدعوى، بيد أنه لم يُوجب تحصيل أتعاب المحاماة مُقدما بالنسبة إلى الجهات المُعفاة من الرسوم، ولم يتعرض إلى حالة ما إذا كانت الجهة معفاة من الرسوم، ومن ثم يتعين الرجوع إلى الأصل العام المقرر في هذا الشأن، وهو إرجاء تحصيل أتعاب المحاماة عند قيد الدعاوى والطعون بالنسبة إليها حتى يتم الفصل فيها، على أن تُحصل من المحكوم عليه فيها، سواء كانت الهيئة المشار إليها، أو الطرف الآخر؛ الأمر الذى يكون معه تحصيل أتعاب المُحاماة بالنسبة إلى الهيئة طالبة الرأي عند قيد الدعاوى أو الطعون المُقامة منها، رهنًا بصدور الحكم فيها، فإذا حُكِم عليها تعيّن إلزامها بأداء أتعاب المُحاماة، وإذا حُكِم لها فلا تلتزم بأداء مُقابل أتعاب المحاماة طبقًا للأصل العام، ويتحملها الخصم المحكوم عليه.
وفيما يتعلق بالتساؤل الخاص بمدى صحة الكتب الدورية الصادرة عن مساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمطالبة القضائية، والتعليمات الموجهة إلى موظفى قسم المطالبات بمحاكم مجلس الدولة علي مختلف درجاتها، فيما تضمنته من حظر تسليم أية صور لأحكام قضائية أو شهادات في الدعاوي الصادر فيها الحكم ضد الهيئة المشار إليها قبل سداد الرسوم والمصاريف القضائية المستحقة على هذه الدعاوى أو الطعون، فإن المشرع ولئن كان قد أعفى بمقتضى حكم المادة (50) من قانون الرسوم القضائية المشار إليه الهيئةَ المشار إليها من الرسوم التى تُستحق على ما تطلبه من الكشف والصور والملخصات والشهادات والترجمة، فإنه حظر بموجب نص المادة (56) من القانون المشار إليه إعطاء أية صورة أو ملخص أو شهادة أو ترجمة من أية دعوى أو ورقة إلا بعد تحصيل ما يكون مُستحقا من الرسوم على القضية أو على أصل الأوراق إلا إذا كان طالب الصورة هو المدعَى عليه وكان محكوما برفض الدعوى لصالحه، فمن ثم تضحى الكتب الدورية، والتعليمات المستطلع الرأى بشأنها متفقة وصحيح حكم القانون.
أما عن التساؤل الخاص بما إذا كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بموجب قانون التأمينات الاجتماعية يقتصر على الهيئة فحسب أم يمتد إلى المُؤمن عليهم وأصحاب المعاشات المستحقين وتحديد نطاق هذا الإعفاء، فإن الثابت مما تقدم أنه علاوة على الإعفاء العام من الرسوم القضائية المقرر للمصالح الحكومية بالنسبة إلى الدعوى التى تُرفع منها وفقًا للمادة (50) المشار إليها، فقد أفرد المشرع إعفاء خاصًّا بموجب نص المادة (137) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975 (الملغى)، ومن بعده نص المادة (126) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 (الحالى)، فأعفى بمقتضاه الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والمُؤمّن عليهم أو المستحقين أو أصحاب المعاشات، من سداد الرسوم القضائية فى الدعاوى التى تُرفع منهم للفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانونين المشار إليهما؛ ومن ثم فإن نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية يمتد إلى المُؤمّن عليهم
أو أصحاب المعاشات أو المستحقين المخاطبين به بالنسبة إلى الدعاوى التى ترفع منهم للمطالبة بحقوق تأمينية ناشئة عن تطبيق أحكام القانونين المشار إليهما بذات القواعد المقررة للهيئة السالف بيانها، وينحسر تبعًا لذلك
ما إذا تم اختصام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في دعاوى تُقام بشأن تطبيق قانون آخر، إذ ينتفى مناط إعفاء رافعها من أداء الرسوم القضائية المقررة في تلك الدعاوى.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:
أولا: أن إعفاء الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى من الرسوم القضائية ينحصر فى الدعاوى المرفوعة منها، دون الدعاوى التي ترفع ضدها.
ثانيًا: أن نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى يقتصر على ما هو مُستحق فحسب للدولة، دون باقى المصروفات.
ثالثًا: عدم التزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسداد أتعاب المحاماة عند قيد الدعاوى أو الطعون المُقامة منها أمام جميع المحاكم على اختلاف درجاتها، حتى يتم الفصل فيها على أن تُحصل من المحكوم عليه.
رابعًا: إعفاء الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى من أداء الرسوم المستحقة على ما تطلبه من الكشف والصور والملخصات والشهادات والترجمة.
خامسًا: صحة الكتب الدورية الصادرة عن مساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمطالبة القضائية، والتعليمات الموجهة إلى موظفى قسم المطالبات بمحاكم مجلس الدولة علي مختلف درجاتها،
فيما تضمنته من حظر تسليم أية صور لأحكام قضائية أو شهادات في الدعاوي الصادر فيها الحكم ضدها الهيئة المشار إليها قبل سداد الرسوم والمصاريف القضائية المستحقة على هذه الدعاوى أو الطعون.
سادسًا: إعفاء المُؤمّن عليهم أو أصحاب المعاشات أو المستحقين المخاطبين بأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975، ومن بعده قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019، من الرسوم القضائية بالنسبة إلى الدعاوى التى ترفع منهم للمطالبة بحقوق تأمينية ناشئة عن تطبيق أحكام القانونين المشار إليهما، بذات القواعد المقررة للهيئة المشار إليها.
وذلك كله تأييدًا لإفتاء الجمعية العمومية المستقر فى هذا الشأن، وعلى الوجه المُبين تفصيلا بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2022
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة