الفتوى رقم 213 لسنة 2023 بتاريخ فتوى : 2023/02/04 و تاريخ جلسة : 2023/01/11 و رقم الملف : 58/1/718


موضوع الفتوى:
بطلب الرأي القانوني في كيفية تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية عشرة) في الدعوي رقم (22851) لسنة 75 القضائية بجلسة 21/9/2021 بأحقية السيدة/ هالة نصر الدين أحمد حماد، الموظفة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي،
في ضم العلاوتين الخاصتين المقررتين بالقانون رقم (70) لسنة 2010 والمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 إلى الأجر الأساسي اعتبارًا من 1/7/2015، و1/4/2016 على الترتيب.

نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2023

الملف رقم: 58/1/718

السيد الأستاذ الدكتور/ وزير التعليم العالي والبحث العلمي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (2262) المؤرخ 3/8/2022، بطلب الرأي القانوني في كيفية تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية عشرة) في الدعوي رقم (22851) لسنة 75 القضائية بجلسة 21/9/2021 بأحقية السيدة/ هالة نصر الدين أحمد حماد، الموظفة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي،
في ضم العلاوتين الخاصتين المقررتين بالقانون رقم (70) لسنة 2010 والمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 إلى الأجر الأساسي اعتبارًا من 1/7/2015، و1/4/2016 على الترتيب.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق– أنه بتاريخ 21/9/2021، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوي رقم (22851) لسنة 75 القضائية بأحقية السيدة/ هالة نصر الدين أحمد حماد،
الموظفة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في ضم العلاوتين الخاصتين المقررتين بالقانون رقم (70)
لسنة 2010 والمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 إلى الأجر الأساسي اعتبارًا من 1/7/2015، و1/4/2016 على الترتيب، ولدى تنفيذ الوزارة هذا الحكم تبين أنه سبق بالفعل ضم هاتين العلاوتين لجميع الموظفين الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (18) لسنة 2015 إعمالا لأحكامه، ومن بينهم الموظفة الصادر لصالحها الحكم، حسبما أفادت به وزارة المالية، وإزاء ذلك طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونُفيد: أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة
في 11 من يناير عام 2023م الموافق 18 من جمادى الآخرة عام 1444هـ، فتبين لها أن المادة (94)
من الدستور تنص على أن: سيادة القانون أساس الحكم في الدولة…، وأن المادة (100) منه تنص على أن: تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذى ينظمه القانون،
ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون…. وأن المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25)
لسنة 1968 تنص على أن: الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية…. وأن المادة (50) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون
رقم (47) لسنة 1972 تنص على أنه: لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك…، وأن المادة (52) منه تنص على أن: تسرى
في شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشئ المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة.
وتبين لها أن المادة الأولى من القانون رقم (47) لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (المُلغى) كانت تنص على أن: يُعمل بأحكام القانون المرافق بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة،
وأن المادة (40) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه كانت تنص على أن: تُحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقًا لما ورد في الجدول رقم (1) المرافق. وأن المادة الأولى من القرار بقانون رقم (18) لسنة 2015 بإصدار قانون الخدمة المدنية- المعمول به خلال الفترة من 13/3/2015 إلى20/1/2016- تنص على أن: يُعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الخدمة المدنية، وتسري أحكامه
على الوظائف في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة وذلك
ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك، وأن المادة الثانية منه تنص على أن: يُلغى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978، كما يُلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق، وأن المادة الرابعة منه تنص على أن: يُنشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره. وقد نُشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية العدد (11/ تابع)
في 12/3/2015. وأن المادة (2) من قانون الخدمة المدنية المشار إليه تنص على أن: يُقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: 1- السلطة المختصة: الوزير
أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال. 2- الوحدة: الوزارة أو المصلحة أو الجهــاز الحكومـي أو المحافظة أو الهيئـــة العامـــة. 3-… 5- الموظف: كل من يشغل إحدى الوظائف الواردة بموازنة الوحدة.
6 – الأجر الوظيفي: الأجر المنصوص عليه في الجداول المرفقة بهذا القانون مضمومًا إليه جميع العلاوات المقررة بمقتضى هذا القانون. 7- الأجر المكمل: كل ما يحصل عليه الموظف نظير عمله بخلاف الأجر الوظيفي. 8- كامل الأجر: كل ما يحصل عليه الموظف نظير عمله من أجر وظيفي وأجر مكمل.
9-…. وأن المادة الأولى من قرار مجلس النواب رقم (1) لسنة 2016 بعدم إقرار القرار بقانون رقم (18) لسنة 2015 بإصدار قانون الخدمة المدنية واعتماد نفاذه حتى 20/1/2016 تنص على أنه:
قرر مجلس النواب عدم إقرار القرار بقانون رقم (18) لسنة 2015 بإصدار قانون الخدمة المدنية، مع اعتماد نفاذه في الفترة من تاريخ صدوره في 12/3/2015 إلى20/1/2016، وما يترتب على ذلك من آثار.
كما تبين للجمعية العمومية أنه قد نُشر استدراك الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء بعدد الجريدة الرسمية رقم (27 مكررًا) في 6/7/2015 بتصحيح بعض الأخطاء المادية التي وردت في نسخة قانون الخدمة المدنية الصادر بالقرار بقانون رقم (18) لسنة 2015 المنشور بالجريدة الرسمية، حيث تضمن البند (ثانيًا)
من الاستدراك ما نصه: إضافة الفقرة التالية بعد جداول الأجور المرفقة بالقرار بقانون المشار إليه،
وهي: ملاحظة: يتكون الأجر الوظيفي للموظف المعين قبل 1/7/2015 من:
– الأجر الأساسي المستحق له في 30/6/2015.
– العلاوات الخاصة التي لم تُضم للأجر الأساسي حتى 1/7/2015.
– العلاوة الاجتماعية المقررة بالقانون رقم (118) لسنة 1981 لجميع العاملين بالدولة وبفئة موحدة
ستة جنيهات شهريًّا.
– العلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم (113) لسنة 1982 بفئة أربعة جنيهات شهريًّا.
– منحة عيد العمال المقررة بقرار رئيس الجمهورية رقم (458) لسنة 1998 بتقرير منحة للعاملين
بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ولأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم
بفئة عشرة جنيهات شهريًّا.
– فئات علاوة الحد الأدنى المقررة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (22) لسنة 2014، أو ما يعادل فئاتها بالجهات غير المطبق بشأنها.
– ما يُعادل نسبة (100%) من الأجر الأساسي في 30/6/2015.
إذا قلّ الأجر الوظيفي للموظف المعين قبل 1/7/2015 عن الأجر الوظيفي المقرر لمستوى وظيفته
في الجداول المشار إليها، يُصرف له الأجر الوظيفي المقرر في هذه الجداول.
وتبين للجمعية أيضًا أن المادة الأولى من القانون رقم (81) لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية تنص على أن: يُعمل بأحكام القانون المرافق في شأن الخدمة المدنية، وتسري أحكامه على الوظائف
في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة وذلك ما لم تنص قوانين
أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك، وأن المادة الثانية منه تنص على أن: يُلغى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978، كما يُلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق، وأن المادة الرابعة منه تنص على أن: يُنقل الموظفون المعينون الموجودون بالخدمة قبل العمل
بأحكام هذا القانون إلى الوظائف المعادلة لوظائفهم الحالية على النحو الموضح بالجداول أرقام: (1) و(2) و(3) الملحقة بالقانون المرافق بما فيها المستوى الوظيفي الأول (أ)… ويحتفظ كل منهم بالأجر المقرر له قانونًا والذى كان يتقاضاه إذا زاد على الأجر الوظيفي المقرر لمستوى وظيفته في الجداول الملحقة بالقانون المرافق، أما إذا قلّ الأجر المحتفظ به عن الأجر الوظيفي المقرر لمستوى وظيفته يصرف له الأجر الوظيفي المقرر
في الجداول المشار إليها…، وأن المادة (2) من قانون الخدمة المدنية المشار إليه تنص على أن: يُقصد
في تطبيق أحكام هذا القانون بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: 1- السلطة المختصة: الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال. 2- الوحدة: الوزارة أو المصلحة أو الجهاز الحكومي أو المحافظة أو الهيئة العامة. 3-… 5- الموظف: كل من يشغل إحدى الوظائف الواردة بموازنة الوحدة. 6- الأجر الوظيفي: الأجر المنصوص عليه في الجداول الملحقة بهذا القانون مضمومًا إليه جميع العلاوات المقررة بمقتضى هذا القانون. 7- الأجر المكمل: كل ما يحصل عليه الموظف نظير عمله
بخلاف الأجر الوظيفي. 8- كامل الأجر: كل ما يحصل عليه الموظف نظير عمله من أجر وظيفي
وأجر مكمل. 9-…، وأن المادة (36) منه تنص على أن: يُحدد الأجر الوظيفي للوظائف وفقًا للجداول أرقام (1) و(2) و(3) الملحقة بهذا القانون…، وأن المادة (74) من القانون ذاته تنص على أن: يستمر العمل بالأحكام والقواعد الخاصة بتحديد المخصصات المالية للموظفين بالوظائف والجهات الصادر بتنظيم مخصصاتهم قوانين ولوائح خاصة طبقًا لجدول الأجور المقرر بها. ويستمر صرف باقي الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية والأعمال الإضافية والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية وغيرها بخلاف المزايا التأمينية التي يحصل عليها الموظف بذات القواعد والشروط المقررة قبل العمل بأحكام هذا القانون بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة بالأجر الأساسي إلى فئات مالية مقطوعة في 30/6/2015.
كما تبين للجمعية العمومية كذلك أن المادة الأولى من القانون رقم (70) لسنة 2010 بشأن منح العاملين بالدولة علاوة خاصة تنص على أن: يُمنح جميع العاملين بالدولة علاوة خاصة شهرية بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم في 30/6/2010 أو في تاريخ التعيين بالنسبة لمن يُعين بعد هذا التاريخ بدون حد أدنى
أو أقصى، ولا تعتبر هذه العلاوة جزءًا من الأجر الأساسي للعامل…، وأن المادة الرابعة من القانون ذاته تنص على أن: تُضم العلاوة الخاصة المقررة بهذا القانون إلى الأجور الأساسية للخاضعين لأحكامه اعتبارًا من أول يوليو سنة 2015 ولو تجاوز بها العامل نهاية ربط الدرجة أو المربوط الثابت المقرر لوظيفته أو منصبه،
ولا يترتب على الضم حرمان العامل من الحصول على العلاوات الدورية أو الإضافية أو التشجيعية أو علاوات الترقية طبقًا للأحكام المنظمة لها في القوانين أو اللوائح…. وأن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم
(2) لسنة 2011 بشأن منح العاملين بالدولة علاوة خاصة تنص على أن: يُمنح جميع العاملين بالدولة علاوة خاصة شهرية اعتبارًا من أول إبريل سنة 2011 بنسبة 15% من الأجر الأساسي لكل منهم في 31/3/2011 أو في تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بدون حد أدنى أو أقصى، ولا تعتبر هذه العلاوة جزءًا
من الأجر الأساسي للعامل…، وأن المادة الرابعة منه تنص على أن: تُضم العلاوة الخاصة المقررة
بهذا المرسوم بالقانون إلى الأجور الأساسية للخاضعين لأحكامه اعتبارًا من أول إبريل سنة 2016….
واستعرضت الجمعية العمومية فتواها الصادرة في الملف رقم (58/1/663) بجلستها المعقودة
في 22/12/2021، والتي استظهرت فيها– وعلى ما جرى به إفتاؤها– أن الدستور جعل إصدار الأحكام القضائية وتنفيذها باسم الشعب، وبالنظر إلى أهمية وضرورة احترامها عدّ الامتناع عن تنفيذها، أو تعطيل تنفيذها، من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، ومنح للمحكوم له في هذه الحالة الحق في رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وأن المشرع بموجب المادة (52)
من قانون مجلس الدولة المشار إليه أضفى على جميع أحكام محاكم مجلس الدولة القطعية قوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام، وذلك بمجرد صدورها، وهذه القوة تشمل في طيّاتها الحجية، وبذلك تفرض هذه الأحكام نفسها عنوانًا للحقيقة، مما يتعين معه احترامها، والمبادرة إلى تنفيذها تنفيذًا كاملا غير منقوص
على الأساس الذى أقام عليه الحكم قضاءه، والذى يظل تنفيذه مرهونًا دائمًا بوجود محل قابل للتنفيذ؛
ومن هنا كان لزامًا أن يكون التنفيذ موزونًا بميزان القانون من جميع النواحي والآثار، حتى يُعاد وضع الأمور في نصابها القانوني الصحيح، وصولا إلى الترضية القضائية التي يبتغيها من يلجأ إلى محاكم مجلس الدولة، وأنه ولئن كانت الحجية قاعدة أساسية لا تكون إلا لمنطوق الحكم دون أسبابه، فإنها تلحق أيضًا ذلك الجزء
من الأسباب الذي يُعَدُّ مكملا للمنطوق، ويكون مرتبطًا به ارتباط السبب بالنتيجة.
ولاحظت الجمعية العمومية أن الأحكام القضائية في أصل شرعتها جُعلت لترد المظالم والحقوق
إلى أصحابها، دون إفراط، أو تفريط، ومن ثم فإن غايتها، حكمًا وتنفيذًا، هي الوفاء بهذه الحقوق وردّ تلك المظالم إلى أصحابها، وهو ما يوجب لدى تنفيذ الأحكام القضائية واجبة النفاذ منها أن تلتزم الجهة الإدارية، وكذلك الطرف الآخر في المنازعات الإدارية، إن كان هو المحكوم ضده؛ بمنطوق الحكم القضائي محل التنفيذ، والأسباب المرتبطة بهذا المنطوق ارتباطًا وثيقًا لا يقبل التجزئة، بحيث لا يقوم بدونها، وبالمحل وفى الحدود
التي عيّنها؛ حرصًا على حقوق المحكوم له من ناحية، وحقوق الخزانة العامة من ناحية أخرى، فإن التزم المحكوم ضده بذلك، وبصفة خاصة الجهة الإدارية، كان تنفيذها للحكم تنفيذًا صحيحًا كاملا غير منقوص يدرأ عنها المسئولية عن الامتناع عن تنفيذ الحكم أو تعطيله، وذلك بمراعاة أنه بتمام تنفيذ الحكم، والوفاء بما حكم به وفاءً صحيحًا كاملا غير منقوص، سواء أتم هذا الوفاء قبل أم بعد صدوره، وذلك من خلال أداء الالتزام، أو دفع المبالغ، أو الحقوق المحكوم بها، يكون الحكم قد أدى دوره في هذا الصدد على نحو يمتنع قانونًا معه تحت ستار التمسك بحجيته وقوة الأمر المقضي به التي يتمتع بها، إجبارُ المحكوم ضده على معاودة الوفاء بالالتزام ذاته، أو الحق ذاته، مرة أخرى، إذ إن الأحكام القضائية من حيث الأصل لا تبغى سوى إقرار العدل بين أطرافها، فليس لها أن تجور على طرف لصالح الطرف الآخر، أو غيره، ولا ريب في أن ما لا يملكه الحكم قضاءً بما للمحكمة من سلطة تقديرية واسعة، لا تملكه سلطة تنفيذه، أو الجهة القوّامة على ذلك، التزامًا بمبدأي العدالة والمساواة، وحماية لحق الملكية وما يتيحه من مكنات، وحفاظًا على المال العام من الاعتداء عليه.
ولاحظت الجمعية العمومية، نزولًا على ما سبق، أنه إذا تبين للجهة الإدارية لدى مطالبتها بتنفيذ حكم قضائي معين، أنه سبق لها تنفيذ هذا الحكم، وأداء الالتزام الذى يفرضه عليها أداءً كاملا، أو الوفاء بالحق المحكوم به وفاءً كاملا لا شبهة فيه لذوى الشأن، كأن تكون اتخذت الإجراءات التي كشف الحكم عن وجوب اتخاذها كإلغاء القرار المحكوم بإلغائه من تاريخ صدوره، أو أداء المبالغ التي حكمت بها المحكمة للمحكوم لصالحه، أو غير ذلك، سواء بادرت الجهة الإدارية إلى ذلك طواعية قبل صدور الحكم، اقتناعًا منها
بأحقية صاحب الشأن في ذلك، أو بناء على الطلب الذى يقدمه إليها، فحالئذٍ لا يُصادف هذا الحكم محلا قابلا للتنفيذ كليًّا، أو جزئيًّا، لكون الجهة أوفت بما حكمت به المحكمة، وفاءً مُبرئًا لذمتها في الحدود التي تم فيها؛ الأمر الذى من شأنه أن يمتنع قانونًا على هذه الجهة إعادة الوفاء بما سبق لها الوفاء به؛ إذ من شأن إعادة الوفاء في هذه الحالة تكرار الوفاء بالحق ذاته، دون سند من الحكم، بحسبانه لم يحكم بازدواج الوفاء بالالتزام والحق المحكوم به، وفى هذه الحال تنحصر القوة التنفيذية للحكم في التأكيد على أن الوفاء الذى بادرت إليه جهة الإدارة في حدود الحق المقضي به، هو وفاء صحيح ونافذ، لا وجه للعدول عنه، أو التشكيك فيه، انصياعًا لحجية الحكم القضائي، وقوة الأمر المقضي المقررة قانونًا له ما بقى قائمًا واجب النفاذ، يؤكد ذلك أن من شأن إعادة أداء الالتزام أو الوفاء بالحق المحكوم به بعد صدور الحكم، حصولَ المحكوم له على ما ليس حقًّا له،
في حدود الازدواج في الوفاء، هذا فضلا عمّا ينطوي عليه ذلك من تمييز له على أقرانه من ذوى
المراكز القانونية المتماثلة، وهو ما يمثل إخلالا واضحًا بمبدأ المساواة بينهم.
كما استعرضت الجمعية العمومية أيضًا فتواها الصادرة في الملف رقم (86/4/2038) بجلستها المعقودة في 22/12/2021، والتي استظهرت فيها من استعراضها قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1978 (المُلغى)، أن مؤدى نظام الأجور الذى وضعه المشرع بموجب هذا القانون تقاضِي العامل المخاطب بأحكامه نظير عمله أجرًا أساسيًّا يتمثل في الأجر المنصوص عليه في الجدول المرفق بهذا القانون، وأجرًا متغيرًا يشمل ما يحصل عليه العامل من حوافز وبدلات ومكافآت ومقابل جهود غير عادية وأجور إضافية وغير ذلك من المزايا المالية التي لا تُعد جزءًا من الأجر الأساسي، وأنه حرصًا من المشرع
على زيادة أجور العاملين بالدولة، ومن بينهم العاملون المخاطبون بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، أصدر عدة قوانين بمنح علاوات خاصة شهرية بنسبة محددة من الأجر الأساسي للعامل في تاريخ معين،
بيد أن هذه العلاوة وفقًا للقانون أو المرسوم أو القرار بقانون الصادر بمنحها لا تُعد جزءًا من الأجر الأساسي للعامل منذ تاريخ منحها، وإنما تظل أحد عناصر الأجر المتغير حتى حلول تاريخ ضمّها إلى أجره الأساسي، وذلك كله طبقًا لما يقرره قانون منح العلاوة. وبموجب قانون الخدمة المدنية الصادر بالقرار بقانون رقم (18) لسنة 2015 استحدث المشرع نظامًا جديدًا لأجور الموظفين المخاطبين بأحكامه، يحصل الموظف طبقًا له نظير عمله على أجر وظيفي، يتمثل في الأجر المنصوص عليه في الجداول الملحقة بالقانون المذكور
أولا مضمومًا إليه جميع العلاوات المقررة بمقتضاه، حيث يتكون الأجر الوظيفي للموظف المعين قبل 1/7/2015، طبقًا للاستدراك المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم (27 مكررًا) في 6/7/2015، من الأجر الأساسي المستحق له في 30/6/2015، وما يُعادل نسبة (100%) منه، والعلاوات الخاصة التي لم تُضم
إلى الأجر الأساسي حتى 1/7/2015، والعلاوة الاجتماعية المقررة بالقانون رقم (118) لسنة 1981،
والعلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم (113) لسنة 1982، ومنحة عيد العمال المقررة بقرار
رئيس الجمهورية رقم (458) لسنة 1998، وفئات علاوة الحد الأدنى المقررة بقرار رئيس مجلس الوزراء
رقم (22) لسنة 2014، أو ما يعادل فئاتها بالجهات غير المُطبق بشأنها، كما يحصل الموظف نظير عمله على أجر مكمل، يشمل كل ما يتقاضاه بخلاف الأجر الوظيفي، وهو نظام الأجور ذاته الذى ردّد أحكامه قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016، مع عدم التطرق إلى طريقة حساب الأجر الوظيفي
أو الأجر المكمل المستحق للموظفين المخاطبين بأحكامه، اكتفاءً بما سبق إقراره طبقًا لأحكام قانون
الخدمة المدنية (المُلغى)، حيث قرر المشرع بموجب المادة الرابعة من القانون رقم (81) لسنة 2016 نقل الموظفين المعينين الموجودين بالخدمة قبل العمل بأحكامه إلى الوظائف المعادلة لوظائفهم الحالية على النحو الموضح بالجداول أرقام (1) و(2) و(3) الملحقة بالقانون المرفق به بما فيها المستوى الوظيفي الأول (أ)،
على أن يحتفظ كل منهم بالأجر المقرر له قانونًا والذى كان يتقاضاه إذا زاد على الأجر الوظيفي المقرر لمستوى وظيفته في تلك الجداول، أما إذا قلّ الأجر المحتفظ به عن الأجر الوظيفي المقرر لمستوى وظيفته يُصرف له الأجر الوظيفي المقرر في الجداول المشار إليها، وهو ما يُعد إقرارًا صريحًا من المشرع بالأجور المقررة للموظفين المخاطبين بأحكامه قبل تاريخ بدء العمل بها. وبذلك صارت جميع العلاوات الخاصة
الخمس المقررة بموجب القانونين أو المرسوم أو القرارين بقانون سالفة الذكر، ومن بينها العلاوة الخاصة الممنوحة بالقانون رقم (70) لسنة 2010، والعلاوة الخاصة الممنوحة بالمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011؛ جزءًا من الأجر الوظيفي للموظف المخاطب بأحكام قانون الخدمة المدنية (المُلغى) المُعين قبل 1/7/2015، أو للموظف المُعين بعد هذا التاريخ، وأحد مكوناته، دون انتظار حلول مواعيد ضم تلك العلاوات المنصوص عليها في قوانين منحها، وبمراعاة أن العلاوة الخاصة المقررة بالقانون رقم (70) لسنة 2010 حلّ ميعاد ضمها بموجب هذا القانون في 1/7/2015، وهو التاريخ ذاته الذى قرره قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (18) لسنة 2015 (المُلغى) لضمها. وهو ما يبدو جليًّا معه أن العلاوة الخاصة الممنوحة بالقانون رقم (70) لسنة 2010 المشار إليه والتي حلّ ميعاد ضمها إلى الأجر الأساسي في 1/7/2015 طبقًا لأحكام
هذا القانون، تم ضمها إلى الموظف في هذا التاريخ إعمالا لهذه الأحكام، وإعمالا في الوقت ذاته لأحكام
قانون الخدمة المدنية (المُلغى)، الذى عدّ هذه العلاوة أحد مكونات الأجر الوظيفي المستحق للموظف
في التاريخ المذكور، كما أن العلاوة الخاصة الممنوحة بالمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 المشار إليه،
تم تعجيل ضمها إلى الأجر الوظيفي إلى 1/7/2015 إعمالا لأحكام قانون الخدمة المدنية (المُلغى)، والذى عدّ هذه العلاوة أحد مكونات الأجر الوظيفي المستحق للموظف في هذا التاريخ، بدلا من 1/4/2016، وهو التاريخ المقرر لضمها في المرسوم بقانون الصادر بمنحها، وإذ استمر العمل بالأجر الوظيفي بالمعنى المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية (المُلغى) شاملا جميع العلاوات الخمس المذكورة، وذلك حتى تاريخ بدء العمل
بقانون الخدمة المدنية الحالي، حيث لم يثبُت العدول عن هذا الضم بعد تمامه، ومن ثم لا محل لإعادة ضم العلاوتين المقررتين بالقانون رقم (70) لسنة 2010 والمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 إلى الأجر الوظيفي للمعروضة حالتها، إذ إن من شأن ذلك تكرار الضم بغير سند من القانون وبالمخالفة لأحكامه.
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من استعراض حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية عشرة)
في الدعوى رقم (22851) لسنة (75) القضائية، أنها قضَتَ في منطوقه: بقبول الدعوى شكلا،
وبأحقية المدعية في ضم العلاوتين الخاصتين المقررتين بالقانون رقم (70) لسنة 2010 إلى أجرها الأساسي اعتبارًا من 1/7/2015 والمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2011 إلى أجرها الأساسي اعتبارًا من 1/4/2016
مع ما يترتب على ذلك من آثار– على النحو المبين بالأسباب– وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأنه ولئن كانت هاتان العلاوتان مقررًا ضمّهما إلى الأجر الأساسي في 1/7/2015 و1/4/2016 وفقًا للقانون والمرسوم بقانون الصادرين بمنحهما، فإنه تم ضمهما بالفعل إلى الأجر الوظيفي بتاريخ 1/7/2015 إعمالا لأحكام قانون الخدمة المدنية (المُلغى)، والذي عدّ هاتين العلاوتين عنصرًا من عناصر الأجر الوظيفي المستحق للموظف
في هذا التاريخ، وإذ استمر العمل بالأجر الوظيفي بالمعنى المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية (المُلغى) شاملا هاتين العلاوتين، وذلك حتى تاريخ بدء العمل بقانون الخدمة المدنية الحالي، حيث لم يثبُت العدول
عن هذا الضم بعد تمامه، وكان الثابت من الأوراق أن هاتين العلاوتين تم حسابهما ضمن عناصر الأجر الوظيفي المستحق للمعروضة حالتها بدءًا من 1/7/2015، بما مؤداه أنه تم ضمهما بالفعل إلى أجرها الوظيفي في تاريخ سابق على صدور هذا الحكم، وبذلك تكون جهة الإدارة قد أوْفت بالتزامها الذي كشف عنه
الحكم المذكور، وتبعًا لذلك لا يكون ثمة مجال للمطالبة بتنفيذه، لانتفاء محل هذا التنفيذ لسبق الوفاء به،
فضلا عن أن معاودة تنفيذه من شأنه ازدواج الوفاء بالحق ذاته، وهو ما لم تحكم به المحكمة.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: انقضاء الالتزام بتنفيذ الحكم الصادر
في الدعوى رقم (22851) لسنة 75 القضائية؛ لسَبْق الوفاء بالحق المحكوم به، وذلك على الوجه المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2023.
رئـيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع

المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة