الفتوى رقم 372 لسنة 2005 بتاريخ فتوى : 2005/04/11 و تاريخ جلسة : 2005/02/02 و رقم الملف : 32/2/3476
موضوع الفتوى:
بنوك – بنك الاستثمار القومي – طبيعته القانونية – مدى أحقية البنك في طلب الرأي الملزم من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع حسما للمنازعات التي قد تثور بينه وبين الوزارات أو إحدى الهيئات العامة أو الوحدات المحلية أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لاستئداء مديونياته – مدى جواز قيام البنك بإتباع إجراءات الحجز الإداري لاستئداء مستحقاته من القروض الممنوحة لشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص ذات الشخصية الإعتبارية الخاصة
– تطبيق – استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – وحسبما جرى عليه إفتاؤها – أن المشرع في المادة (66) فقرة (د) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قرر أصلا عاما مقتضاه اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وحدها دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو المصالح العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات بعضها البعض وهي جميعا من أشخاص القانون العام وذلك بديلا عن استعمال الدعوى كوسيلة لحماية الحقوق وفض المنازعات بين تلك الجهات المحددة حصراً، وعلى هذا النحو فيتحدد اختصاصها وفقا لأطراف النزاع المعروض عليها وليس بحسب طبيعته، وهو اختصاص ولائي يتعلق بأنزعة ذات طبيعة خاصة مقدرة بخصوصية الطبيعة القانونية للمتنازعين، تلك الطبيعة التي تتأبى على عرض الأنزعة التي تثار بين تلك الجهات على هيئات القضاء المختلفة لوحدة الشخص القانوني للمتنازعين المنسوب انتهاء إلى الشخصية القانونية للدولة.
واستبان للجمعية العمومية من استعراضها لنصوص قانون إنشاء بنك الاستثمار القومي وظروف تلك النشأة، أن ثمة اعتبارات عملية حالة دعت المشرع إلى إنشاء هذا البنك، فتشير المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى أن بنك الاستثمار القومي نشأ بديلا عن صندوق استثمار الودائع والتأمينات الذي كان تابعاً لوزارة المالية مندمجاً في الموازنة العامة للدولة، اثر ما نتج عن الاندماج الكلي لهذا الصندوق بكيان الدولة وموازنتها العامة، ومن اختلال محاسبي في تلك الموازنة، أفرزه التداخل بين المديونية العامة للحكومات والمديونيات الخاصة بالقطاعات الاقتصادية بالدولة. لذلك ظهرت الرؤية الخاصة بإسناد مهام تمويل مشروعات الخطة القومية للدولة، لكيان هو بالأساس أحد أجهزة الدولة وأداتها في تنفيذ خطتها القومية، وفي الوقت ذاته يتمتع بمكنات مصرفية كاملة يتقرر له بمقتضاها استقلال مالي وإداري وفني يمكن من تمويل مشروعات تلك الخطة ومن متابعة تنفيذ برامجها. الأمر الذي نشأ بموجبه بنك الاستثمار القومي، والذي أفرد له المشرع في قانون إنشائه طبيعة خاصة، مستمدة من الطابع الخاص بالمهام الموكولة إليه بحسبه أحد أجهزة الدولة المضطلعة بالسلطات المصرفية اللازمة لتمويل مشروعات الخطة القومية. تلك الطبيعة الخاصة التي حددت بالمشروع إلى العزوف عن وصفه بأي من تلك الأنماط المحددة كوصف الهيئة العامة أو المؤسسة أو شركة من شركات القطاع العام على الرغم من وجود تلك الأنماط تحت نظره إبان إعداد قانون نشأة هذا البنك، وذلك لإعطائه المرونة الكافية في تسيير أموره وأدائه لوجباته بوصفه جهاز الدولة وأداتها في تنفيذ مشروعات الخطة بتوفير التمويل اللازم له، وليوفر للبنك من السلطات والصلاحيات ما يزيد على ما تتمتع به أي من الكيانات المذكورة، فلم ينف عنه مظهر السلطة العامة بوصفه أحد أجهزة الدولة المالية القوامة على تنفيذ مشروعاتها، ولم يحرمه من الاستقلال والمرونة اللازمين لأدائه لمهامه. الأمر الذي استقر معه إفتاء الجمعية العمومية على اعتبار ذاك البنك من الأشخاص الاعتبارية العامة تغليبا لحكم نشأته في إطار السلطة العامة وقيامه على إدارة مرفق عام بغية إشباع مصالح عامة.
ولا مراء في أن موازنة دقيقة بين الدور الذي يؤديه بنك الاستثمار القومي وغيره من البنوك الأخرى، تجعل للبنك طبيعة خاصة متفردة بحكم نشأته في إطار السلطة العامة، بوصفه شخصا عاما استجمع مقومات الهيئة العامة من الناحية الموضوعية إذ يقوم – طبقا لما جرى به إفتاء الجمعية العمومية الصادر بجلستيها المنعقدتين بتاريخ 21/6/1995، 5/5/2004 – على إدارة مرفق عام يتوخى به إشباع أغراض بذواتها تقتضيها طبيعة نشاطه والهدف من إنشائه وله مجلس إدارة يقوم على إدارة شئونه وميزانية مستقلة منفصلة عن ميزانية الجهة التي يتبعها، كما ينظمه تنظيم خاص كفله قانونه يشمل العاملين فيه وعلاقته بالغير بالنسبة للعقود التي يبرمها، فمن ثم فلا مناص من أن يعامل معاملة الهيئة العامة من حيث أحقيته في طلب عرض منازعاته على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع استنهاضا لاختصاصها الملزم في حسم المنازعات بين الجهات الإدارية وبعضها البعض بوصفها جميعا تنبثق من شخص الدولة مما لا ينسجم معه لجوئها إلى التقاضي فيما بينها، وإنما يكون لزاما حسم خلافاتها على النحو الذي رسمته وحددته الفقرة (د) من المادة (66) من قانون مجلس الدولة، وليس في ذلك تجاوزا أو توسعا في تفسير عبارة (الهيئات العامة) الواردة في هذا النص بقدر ما فيها من صرف إلى مدلولها في مفاهيم القانون الإداري.
وقد استبان للجمعية أنه بالنسبة للطلب الخاص بمدى جواز قيام البنك باتخاذ إجراءات الحجز الإداري لاستئداء مستحقاته من القروض الممنوحة لشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص الاعتبارية الخاصة، فقد جرى إفتاؤها على أن المشرع في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 وضع نظاما متكاملا لهذا الحجز مبينا به الجهات التي يجوز لها تحصيل مستحقاتها من خلاله والحالات التي يجوز فيها اللجوء إلى هذا الحجز وإجراءاته، وذلك بحسبانه طريقا استثنائياً يتضمن خروجاً على القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن التنفيذ الجبري، وأنه على هذا النحو لا يجوز اللجوء إليه إلا في شأن المبالغ المحددة حصرا في المادة (1) من هذا القانون والتي لا يجوز في غيرها توقيع الحجز الإداري باعتباره طريقا استثنائيا، ويتبقى للجهة الإدارية بعد ذلك اللجوء للقواعد العامة في التنفيذ الجبري المقررة قانونا.
وترتيبا على ذلك فإنه ولئن كان بنك الاستثمار القومي – على ما تقدم – شخصاً من أشخاص القانون العام يقوم طبقاً لقانون إنشائه بتحقيق أغراض تتعلق بالصالح العام، يتوخى بها تمويل المشروعات المدرجة بالخطة في إطار تنفيذ السياسة العامة للدولة، فعلى هذا النحو فإن طبيعته المذكورة وإن نحت به إلى اعتباره من الأشخاص أو الجهات التي يمكنها توقيع الحجز الإداري، إلا أنه بالنسبة للمبالغ التي يطالب بها والمتمثلة في القروض الممنوحة منه في سبيل تمويل مشروعات الخطة، فهي لا تدخل تحت أي من الحالات التي عددها قانون الحجز الإداري حصراً، خاصة وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية. دستورية بجلسة 9/5/1998 بعدم دستورية الفقرة (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه والتي بمقتضاها لم يعد للبنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها بما يزيد على نصفها الحق في تحصيل مستحقاتها بطريق الحجز الإداري، وكانت باقي الحالات الواردة بالقانون لا تنطبق بذاتها على المبالغ المستحقة للبنك في مجال القروض التي يمنحها، فضلا عن أن قانون إنشائه قد خلى من نص يجيز له ذلك عملا بنص الفقرة (ي) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري، فإنه تبعاً لذلك لا يجوز لبنك الاستثمار القومي اتخاذ إجراءات الحجز الإداري قبل مدينيه لاستئداء ما له من ديون لديهم.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى ما يأتي:
أولاً: اختصاصها بنظر المنازعات التي تنشب بين بنك الاستثمار القومي وغيره من الجهات الإدارية الأخرى المبينة حصراً بنص الفقرة (د) من المادة (66) من قانون مجلس الدولة، لاستئداء مديونياته قبلها.
ثانياً: عدم جواز قيام بنك الاستثمار القومي بإتباع إجراءات الحجز الإداري لاستئداء مستحقاته عن القروض التي يمنحها للغير، وذلك على النحو المبين بالأسباب
نص الفتوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة رقم التبليغ :
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريــــــخ : 99 / 99 / 2005
ملف رقم : 32 / 2 / 3476
السيد الدكتور / وزير المـاليـة
ورئيس مجلس إدارة بنك الإستثمار القومى
تحية طيبة وبعد
فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 417 ] المؤرخ 26 / 5 /2003 فى شأن الإفادة بالرأى حول أمرين :_ أولهما:_ ويتعلق بمدى أحقية البنك فى طلب الرأى الملزم من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع حسماً للمنازعات التى قد تثور بينه وبين الوزارات أو إحدى الهيئات العامة أو الوحدات المحلية أو غيرها من الأشخـاص الاعتبارية العامة لإستئداء مديونياته، وثانيهما:_ ويتعلق بمدى جواز قيام البنك بإتباع إجراءات الحجز الإدارى لإستئداء مستحقاته من القروض الممنوحة لشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص ذات الشخصية الإعتبارية الخاصة.
وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ أن بنك الإستثمار القومـى وبمقتضى قانون إنشائه رقم 119 لسنة 1980 يقوم بدور رئيسى فى تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية للدولة عن طريق الإسهام فى رؤوس أموال تلك المشروعات أو مدَها بالقروض أو غير ذلك مـن الوسائل، ومتابعة تنفيذها، وقد خوله المشرع فى سبيل تحقيق أغراضه إجراء جميع التصرفات والأعمال التى من شأنها تحقيق مشروعات الخطة وفقاً لبرامجها المدرجة والتى يفصل فى أمر تنفيذها رئيس مجلس الوزراء. وتذكرون أن بنك الاستثمار القومى صادفه العديد من الصعاب فى تحصيل مديونياته قبل الجهات الممولة منه فى إطار تنفيذ برامج الخطة إذ لم يتضمن قانون إنشائه نصوصاً تكفل له تحصيل مستحقاته بإتباع طريق الحجز الإدارى رغم ما يوفره هذا الطريق من سرعة فى التحصيل وإقتصاد فى الوقت والنفقات، وأنه ليس أمام البنك فى الوضع الحالى إلا اللجوء إلى الطريق القضائى والذى يستغرق وقتاً طويلاً ونفقات كثيرة، ولما كان البنك طبقاً لقانون إنشائه وفى ضوء ما أفتت به الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة بتاريخ 6 /1 /1988 [ ملف رقم 16/2/59 ] يعد من أشخاص القانون العام. فانه على هذا الأساس تتحدد حقوقه والتزاماته والإجراءات الواجبة الاتباع فى تعامله مع الأجهزة المختلفة، ومن ثم فقد ثار التساؤل حول مدى جواز قيام البنك بعرض ما قد يثور من منازعات بشأن تحصيل مستحقاته لدى الأشخاص الاعتبارية العامة الواردة بنص المادة ( 66/د ) من قانون مجلس الدولة على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، وكذا مدى أحقيته فى ولوج طريق الحجز الإدارى كوسيلة لإستئداء مستحقاته لدى الغير من الأشخاص الاعتبارية الخاصة، وإزاء الخلاف فى الرأى طلبتم إستطلاع رأى الجمعية العمومية فى هذا الخصوص.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 2 من فبراير سنة 2005م الموافق 22 من ذى الحجة سنة 1425هـ فتبين لها أن المادة ( 1 ) من قانون الحجز الإدارى رقم 308 لسنة 1955 تنص على أنه يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإدارى المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذى يعينهم الوزراء المختصون:_ [ أ ] الضرائب والإتاوات والرسوم بجميع أنواعها [ ب ] المبالغ المستحقة للدولة مقابل خدمات عامة [ ج ] المصروفات التى تبذلها الدولة نتيجة أعمال أو تدابير تقضى بها القوانين [ د ] الغرامات المستحقة للحكومة قانوناً [ هـ ] إيجارات أملاك الدولة الخاصة ومقابل الإنتفاع بأملاكها العامة سواء فى ذلك ما كان بعقد أو مستغلاً بطريق الخفية [ و ] أثمان أطيان الحكومة المبيعة وملحقاته وفوائده [ ز ] المبالغ المختلسة من الأموال العامة [ ح ] ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الإعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة 000000. [ ط ] المبالغ المستحقة للبنوك التى تساهم الحكومة فى رؤوس أموالها بما يزيد على النصف [ وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذا البند بموجب حكمها الصادر بجلسة 9/5/1998 فى القضية رقم 41 لسنة 19قضائية دستورية] [ ى ] المبالغ الأخرى التى نصت القوانين الخاصة بها على تحصيلها بطريق الحجز الإدارى وتنص المادة ( 2 ) منه على أنه لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير ورئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة وتنص المادة ( 75 ) منه على أنه فيما عدا ما نص عليه فى هذا القانون تسرى جميع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية التى لا تتعارض مع أحكام هذا القانون كما تبين لها أن المادة ( 66 ) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن تختص الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بإبداء الرأى مسبباً فى المسائل والموضوعات الأتية :_ أ_0000000000 ب_ 00000000000000 ج_ 0000000000 د_ المنازعات التـى
تنشا بين الوزارات أو بين المصالح العامة او بين الهيئات العامة او بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية او بين هذه الجهات وبعضها البعض. ويكون رأى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذه المنازعات ملزماً للجانبين كما طالعت الجمعية قانون إنشاء بنك الاستثمار القومى رقم 119 لسنة 1980 والذى نصت المادة ( 1 ) منه على أنه ينشأ بنك يسمى [ بنك الإستثمار القومى ] تكون له الشخصية الإعتبارية ويتبع وزير التخطيط ويكون مقره الرئيسى مدينة القاهرة [وقد تم نقل تبعية بنك الاستثمار القومى إلى وزير المالية بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 418 لسنة 2001 ] وتنص المادة ( 2 ) منه على أن غرض البنك تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية للدولة وذلك عن طريق الإسهام فى رؤوس أموال تلك المشروعات أو طريق مدها بالقروض او غير ذلك من الوسائل ومتابعة تنفيذ تلك المشروعات وتنص المادة ( 3 ) منه على أنه للبنك ان يعهد إلى الجهاز المصرفى تحت إشراف البنك المركزى بالقيام بالأعمال المصرفية والمتعلقة بتحقيق أغراضه بما فى ذلك الإقتراض و الإقراض والمساهمة وإصدار خطابات الضمان وسائر عمليات الوساطة المالية اللازمة فى عمليات التمويل المتوسط وطويل الأجل وخدمة قروض التمويل كما تنص المادة ( 13 ) منه على أن مجلس إدارة البنك هو السلطة العليا المهيمنة على شئون البنك وتصريف أموره ووضع السياسة العامة التى يسير عليها، وله ان يتخذ من القرارات ما يراه لازماً لتحقيق الأهداف التى أنشئ من أجلها وفى إطار الخطة القومية وعلى الأخص ما يأتى:_ [أ] الموافقة على عقد القروض وإصــدار
السندات والصكوك وتحديد مواعيد وشروط وأوضاع إستهلاكها أو إستمرارها [ب]000000000[ج] الموافقة على المساهمة فى المشروعات المختلفة وفى رؤوس أموال الهيئات الإقتصادية وفى شركات القطاع العام والمشترك والخاص أو تقديم القروض لها [د]00000[هـ] تحديد أسعار الفائدة الدائنة والمدينة فى إطار السياسة العامة التى يضعها البنك المركزى 000000000000000
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم _ وحسبما جرى عليه إفتاؤها _ أن المشرع فى المادة ( 66 ) فقرة [ د ] من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قرر أصلاً عاماً مقتضاه إختصاص الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع وحدها دون غيرها بالفصل فى المنازعات التى تنشأ بين الوزارات أو المصالح العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات بعضها البعض وهى جميعاً من أشخاص القانون العام وذلك بديلاً عن إستعمال الدعوى كوسيلة لحماية الحقوق وفـض المنازعات بين تلك الجهات المحددة حصراً، وعلى هذا النحو فيتحدد إختصاصها وفقاً لأطراف النـزاع المعروض عليها وليس بحسب طبيعته، وهو إختصاص ولائى يتعلق بأنزعة ذات طبيعة خاصة مقدرة بخصوصية الطبيعة القانونية للمتنازعين، تلك الطبيعة التى تتأبى على عرض الأنـزعة التى تثار بين تلك الجهات على هيئات القضاء المختلفة لوحدة الشخص القانونى للمتنازعين المنسوب إنتهاء إلى الشخصية القانونية للدولة.
واستبان للجمعية العمومية من إستعراضها لنصوص قانون إنشاء بنك الاستثمار القومى وظروف تلك النشأة، أن ثمة إعتبارات عملية حالة دعت المشرع إلى إنشاء هذا البنك، فتشير المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى ان بنك الاستثمار القومى نشأ بديلاً عن صندوق استثمار الودائع والتأمينات الذى كان تابعاً لوزارة المالية مندمجاً فى الموازنة العامة للدولة، اثر ما نتج عن الاندماج الكلى لهذا الصندوق بكيان الدولة وموازنتها العامة، من اختلال محاسبى فى تلك الموازنة، افرزه التداخل بين المديونية العامة للحكومة والمديونيات الخاصة بالقطاعات الإقتصادية بالدولة. لذلك ظهرت الرؤية الخاصة بإسناد مهام تمويل مشروعات الخطة القومية للدولة، لكيان هو بالأساس أحد أجهزة الدولة وأداتها فى تنفيذ خطتها القومية، وفى الوقت ذاته يتمتع بمكنات مصرفية كاملة يتقرر له بمقتضاها إستقلال مالى وإدارى وفنى يمكنه من تمويل مشروعات تلك الخطة ومن متابعة تنفيذ برامجها. الأمر الذى نشأ بموجبه بنك الاستثمار القومى، والذى افرد له المشرع فى قانون إنشائه طبيعة خاصة، مستمدة من الطابع الخاص بالمهام الموكولة إليه بحسبه أحد أجهزة الدولة المضطلعة بالسلطات المصرفية اللازمة لتمويل مشروعات الخطة القومية. تلك الطبيعة الخاصة التى حدت بالمشرع إلى العزوف عن وصفه بأى من تلك الأنماط المحددة كوصف الهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو شركة من شركات القطاع العام على الرغم من وجود تلك الأنماط تحت نظره إبان إعداد قانون نشأة هذا البنك، وذلك لاعطائه المرونة الكافية فى تسيير أموره وأدائه لوجباته بوصفه جهاز الدولة وأداتها فى تنفيذ مشروعات الخطة بتوفير التمويل الـلازم لها، وليوفر للبنك من السلطات والصلاحيات ما يزيد على ما تتمتع به أى من الكيانات المذكورة، فلم ينف عنه مظهر السلطة العامة بوصفه أحد أجهزة الدولة المالية القوامة على تنفيذ مشروعاتها، ولم يحرمه من الإستقلال والمرونة اللازمين لأدائه لمهامه. الأمــــــر الذى استقر معه إفتاء الجمعية العمومية على اعتبار ذاك البنك من الأشخاص الاعتبارية العامة تغليباً لحكم نشأته فى إطار السلطة العامة وقيامه على إدارة مرفق عام بغية إشباع مصالح عامة.
ولا مراء أن موازنة دقيقة بين الدور الذى يؤديه بنك الاستثمار القومى وغيره من البنوك الأخرى، تجعل للبنك طبيعة خاصة متفردة بحكم نشأته فى إطار السلطة العامة، بوصفه شخصاً عاماً إستجمع مقومات الهيئة العامة من الناحية الموضوعية إذ يقوم _ طبقاً لما جرى به إفتاء الجمعية العمومية الصادر بجلستيها المنعقدتين بتاريخ 21 /6 / 1995، 5/5/2004 _ على إدارة مرفق عام يتوخى به إشباع أغراض بذواتها تقتضيها طبيعة نشاطه والهدف من إنشائه وله مجلس إدارة يقوم على إدارة شئونه وميزانية مستقلة منفصلة عن ميزانية الجهة التى يتبعها، كما ينتظمه تنظيم خاص كفله قانونه يشمل العاملين فيه وعلاقته بالغير بالنسبة للعقود التى يبرمها، فمن ثم فلا مناص من أن يعامل معاملة الهيئة العامة من حيث أحقيته فى طلب عرض منازعاته على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إستنهاضاً لاختصاصها الملزم فى حسم المنازعات بين الجهات الإدارية وبعضها البعض بوصفها جميعاً تنبثق من شخص الدولة، مما لا ينسجم معه لجوئها إلى التقاضى فيما بينها، وإنما يكون لزاماً حسم خلافاتها على النحو الذى رسمته وحددته الفقرة [ د ] من المادة ( 66 ) من قانون مجلس الدولة، وليس فى ذلك تجاوزاً او توسعاً فى تفسير عبارة [ الهيئات العامة ] الواردة فى هذا النص بقدر ما فيها من صرف إلى مدلولها فى مفاهيم القانون الإدارى.
و قد إستبان للجمعية أنه بالنسبة للطلب الخاص بمدى جواز قيام البنك بإتخاذ إجراءات الحجز الإدارى لإستئداء مستحقاته من القروض الممنوحة لشركات القطـاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وغيرها من الأشخاص الإعتبارية الخاصة، فقد جرى إفتاؤها على ان المشرع فى قانون الحجز الإدارى رقم 308 لسنة 1955 وضع نظاماً متكاملاً لهذا الحجز مبيناً به الجهات التى يجوز لها تحصيل مستحقاتها من خلاله والحالات التى يجوز فيها اللجوء إلى هذا الحجز وإجراءاته، وذلك بحسبانه طريقاً إستثنائياً يتضمن خروجاً على القواعد العامة الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ الجبرى، وأنه على هذا النحو لا يجوز اللجوء إليه إلا فى شأن المبالغ المحددة حصراً فى المادة ( 1 ) من هذا القانون والتى لا يجوز فى غيرها توقيع الحجز الإدارى بإعتبـاره طريقاً إستثنائياً، ويتبقى للجهة الإدارية بعد ذلك اللجوء للقواعد العامة فى التنفيذ الجبرى المقررة قانوناً.
وترتيباً على ذلك، فإنه ولئن كان بنك الاستثمار القومى _ على ما تقدم _ شخصاً من أشخاص القانون العام يقوم طبقاً لقانون إنشائه بتحقيق أغراض تتعلق بالصالح العام، يتوخى بها تمويل المشروعات المدرجة بالخطة فى إطار تنفيذ السياسة العامة للدولة، فعلى هذا النحو فإن طبيعته المذكورة وإن نحت به إلى إعتباره من الأشخاص أو الجهات التى يمكنها توقيع الحجز الإدارى، إلا أنه بالنسبة للمبالغ التى يطالب بها والمتمثلة فى القروض الممنوحة منه فى سبيل تمويل مشروعات الخطة، فإنها لا تدخل تحت أى من الحالات التى عددها قانون الحجز الإدارى حصراً، خاصة وقد قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية. دستورية بجلسة 9 /5 /1998 بعدم دستورية الفقرة [ ط ] من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه والتى بمقتضاها لم يعد للبنوك التى تساهم الحكومة فى رؤوس أموالها بما يزيد على نصفها الحق فى تحصيل مستحقاتها بطريق الحجز الإدارى، وكانت باقى الحالات الواردة بالقانون لا تنطبق بذاتها على المبالغ المستحقة للبنك فى مجال القروض التى يمنحها، فضلاً عــن أن قانون إنشائه قد خلى من نص يجيز له ذلك عملاً بنص الفقرة [ ى ] من المادة ( 1 ) من قانون الحجز الإدارى، فإنه تبعاً لذلك لا يجوز لبنك الاستثمار القومى إتخاذ إجراءات الحجز الإدارى قبل مدينيه لإستئداء ما له من ديون لديهم.
لـــــــــــــذلــــــــــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى ما يأتى :_
أولا :- اختصاصها بنظر المنازعات التى تنشب بين بنك الإستثمار القومى وغيره من الجهات الإدارية الأخرى المبينة حصراً بنص الفقرة [ د ] من المادة [ 66 ] من قانون مجلس الدولة، لاستئداء مديونياته قبلها.
ثانيا :_ عدم جواز قيام بنك الاستثمار القومى بإتباع إجراءات الحجز الإدارى لإستئداء مستحقاته عن القروض التى يمنحها للغير ،وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريراً فى / / 2005
م// رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار / جمال السيد دحروج
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة