الفتوى رقم 604 لسنة 2020 بتاريخ فتوى : 2020/03/19 و تاريخ جلسة : 2020/02/26 و رقم الملف : 16/2/129
موضوع الفتوى:
بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني في مدى صحة خصم بند العمولة والمصروفات البنكية من مستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ومدى أحقية الهيئة في الإعفاء منه.
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2020
ملف رقم: 16 /2/129
السيدة الأستاذة/ وزير التضامن الاجتماعي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم )1032003( المؤرخ 13/3/2018، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني في مدى صحة خصم بند العمولة والمصروفات البنكية من مستحقات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ومدى أحقية الهيئة في الإعفاء منه.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه ورد إلى صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مناقضة الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن عدم أحقية البنك المركزي في خصم قيمة العمولة الخاصة بتحصيل الشيكات الواردة من العملاء بمنطقة تأمينات الشرقية لمخالفة ذلك لأحكام المادة (135) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975. وأن البنك المركزي قد أفاد بأن هذه العمولات حق مُكتسب للبنك لا يجوز التنازل عنه. وقد عقب الجهاز المركزي للمحاسبات على ذلك بضرورة مخاطبة الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة للفصل في هذا الموضوع. ولذا طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية لإبداء الرأي فيه.
ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 26 من فبراير عام 2020م الموافق 2 من رجب عام 1441 هـ؛ فتبين لها أن المادة (135) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975 المُعدلة بموجب القانون رقم (207) لسنة 1994 كانت تنص على أن: تُعفى أموال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية مهما كان نوعها من جميع الضرائب والرسوم والعوائد التي تفرضها الحكومة أو أي سُلطة عامة أخرى في الجمهورية …. وأن المادة (124) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 تنص على أن: … وتعفى أموال الهيئة الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية مهما كان نوعها من جميع أنواع الضرائب بما في ذلك الضرائب العامة على القيمة المُضافة والضريبة على العقارات المبنية والرسوم المفروضة حاليا أو التي تُفرض مُستقبلا من الحكومة أو أي سُلطة عامة أخرى داخل جمهورية مصر العربية….
كما تبين للجمعية العمومية أيضًا أن المادة (15) من القانون رقم (57) لسنة 1951 بشأن إنشاء بنك مركزي للدولة– قبل إلغائه بالقانون رقم (163) لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان– كانت تنص على أن: يقوم البنك بأعمال مصرف الحكومة وتعين الخدمات التي يؤديها البنك للحكومة بدون أجر خاص بالاتفاق بين وزير المالية والبنك وبعد موافقة مجلس الوزراء…. وأن المادة (13) من قانون البنوك والائتمان المُشار إليه– قبل إلغائه بالقانون رقم (88) لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد– كانت تنص على أن: يقوم البنك بأعمال مصرف الحكومة ولا يتقاضى أي أجر عن الخدمات التي يؤديها لها. ويجوز للبنك– بعد موافقة مجلس إدارته– أن يقوم بالأعمال المصرفية للأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى بالشروط ذاتها. وأن المادة (25) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المُشار إليه تنص على أن: يقوم البنك المركزي بأعمال مصرف الحكومة، ويتقاضى مُقابلا عن الخدمات التي يؤديها لها وللأشخاص الاعتبارية العامة طبقًا للائحة أسعار الخدمات المصرفية الخاصة به والتي يصدر بها قرار من مجلس إدارة البنك.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن الإعفاء الوارد بالمادة (135) من قانون التأمين الاجتماعي سالفة الذكر، إنما قصد به المشرع إعانة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي على الوفاء بالتزامها في مجال توفير الرعاية الاجتماعية للمواطنين، فأعفى أموالها الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية من جميع الضرائب والرسوم والعوائد التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى. وأن الرسم بمعناه القانوني هو مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظير خدمة مُعينة تؤديها الدولة إليه وهو بذلك يتكون من عنصرين، أولهما: أنه يدفع مُقابل خدمة مُعينة. والثاني: أنه لا يدفع اختيارًا وإنما يؤدى كرهًا بطريق الإلزام، وتستـأديه الدولة من الأفراد بما لها عليهم من سلطة الجباية شأنه في ذلك شأن الضريبة. فالرسم إنما يؤدى جبرًا ومُقابل خدمة من طبيعة إدارية يقدمها مرفق إداري.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أيضًا أن المشرع بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم (88) لسنة 2003 قرّر تقاضي البنك المركزي مُقابلا عن الخدمات التي يؤديها إلى الحكومة وإلى الأشخاص الاعتبارية العامة، وذلك طبقًا للائحة أسعار الخدمات المصرفية الخاصة به والتي يصدر بها قرار من مجلس إدارته، وذلك على خلاف ما كانت عليه الحال بالقانونين رقمي (57) لسنة 1951 ، و(163) لسنة 1957 السالف الإشارة إليهما.
وبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن البنك المركزي قد قام بخصم عمولة عند قيامه بتحصيل الشيكات الواردة من العملاء بمنطقة تأمينات الشرقية خلال العام المالي 2015/2016، مما أدى إلى اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات، على سند من أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مُعفاة من جميع الرسوم طبقًا لحكم المادة (135) من قانون التأمين الاجتماعي سالفة الذكر. وكان المشرع قد نصّ صراحة على تقاضي البنك المركزي مقابلا نظير الخدمات التي يؤديها للأشخاص الاعتبارية العامة طبقًا للائحة أسعار الخدمات المصرفية الخاصة به على النحو السالف بيانه. وكانت العمولة التي تقاضاها البنك في الحالة المعروضة إنما تقاضاها نظير قيامه بتقديم خدمة مصرفية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تتمثل في تحصيل قيمة الشيكات الواردة من العُملاء لحسابها ولصالحها وهي خدمة مُماثلة لما تقدمه البنوك التجارية من خدمات لعُملائها. وكان تحديد عمولة تحصيل الشيكات إنما يتم وفقًا لضوابط ومعايير اقتصادية في ضوء الأسعار السائدة في السوق المصرفية على نحو ما أفاد به البنك المركزي، فإن هذه العمولة– والحال كذلك– تخرج عن مفهوم الرسوم المُعفاة منها الهيئة بموجب حكم المادة (135) من قانون التأمين الاجتماعي سالفة الذكر.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أحقية البنك المركزي في خصم العمولة موضوع طلب الرأي، وعدم أحقية الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في الإعفاء منها، وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2020
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة