الفتوى رقم 615 لسنة 2005 بتاريخ فتوى : 2005/06/01 و تاريخ جلسة : 2005/05/04 و رقم الملف : 37/2/618
موضوع الفتوى:
بنوك – مدى خضوع السلع التي تبيعها البنوك بغية استئداء حقوقها المقررة لدى أطراف مدينة لها، للضريبة العامة على المبيعات، وما يرتبه الخضوع من التزام عليها بوجوب التسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات – تطبيق
استعرضت الجمعية العمومية آنف ما استقر عليه إفتاؤها؛ من أن المشرع قد عين مناط استحقاق الضريبة العامة على المبيعات في محض تحقيق واقعة بيع السلع أو أداء الخدمات، مما يخضع ابتداء لتلك الضريبة، مفردا لأحوال البيع السلعي مفهوما خاصا لهذا البيع بحسبانه: إما بيعا حقيقيا هيئته الانتقال الفعلي لملكية السلعة من مالكها – المكلف الفعلي بتحصيل تلك الضريبة وتوريدها لمصلحة الضرائب على المبيعات – وذلك إلى مشتريها – الملتزم اقتصاديا بتحمل سعرها – وإما بيعا حكما يحققه إصدار فاتورة بالبيع، أو تسليم المبيع، أو أداء الخدمة، أو أداء ثمن السلعة كله أو بعضه، بأية صورة من صور السداد. فإن تحققت عناصر أي من هذين الحالين استوى التصرف بيعا، يرتب التزاما على عاتق المشتري بتحمل سعر الضريبة، كما يرتب التزاما على عاتق مالكها – المكلف – بتحصيل تلك الضريبة من المشتري وتوريدها إلى مصلحة الضرائب على المبيعات.
وقد استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع رتب المسئولية القانونية في شأن هذا الصنف من الضرائب على عاتق المكلف وحده، الذي بدوره هو كل شخص طبيعي أو معنوي له وصف المنتج الصناعي أو وصف التاجر أو وصف المستورد بغرض الاتجار فيما يستورده، ما دامت مبيعاته بلغت حد التسجيل المقرر. فإذا كان البيع المعنى مناطا لتلك الضريبة: هو انتقال ملكية السلعة المبيعة من بائعها إلى مشتريها، فإن المعنى بالبائع هنا هو المالك الحقيقي لتلك السلعة، الذي انتقلت ملكيتها من ذمته المالية إلى ذمة مشتريها. ومن ثم يغدو المكلف هو المالك الفعلي لتلك السلعة المبيعة، الذي انتقلت ملكية السلعة من ذمته إلى ذمة غيره – مشتريها الأمر الذي يضحى معه المكلف في فهم قانون الضريبة العامة على المبيعات، كل من تتحقق فيه أي من أصاف المنتج الصناعي أو التاجر أو المستورد، الذي يملك ابتداء تلك السلعة المبيعة، والذي خلت ذمته المالية من ملكيتها بتحقيق واقعة البيع، المنشئة لتلك الضريبة، دون اعتبار، بعد، لشخص من تولي مهمة عملية البيع من وجهتها المادية، أكان هو مالكها البائع أم أياً ممن ينوب عنه في هذا الشأن. إذ المعتبر في إضفاء وصف البائع – في شأن الضريبة المقررة على البيع – بالاعتبار القانوني، أي بمن يتحقق فيه عناصر المالك الذي يبيع ملكه، لا من يعهد إليه بمهمة البيع مادياً، الذي يتوفر فيه بدوره وصفا قانونيا آخر: هو وصف النائب، الذي ينوب عن البائع في القيام بهذه المهمة وعليه فإن انتفاء صفة البائع، قانونا – في خصوص البيع السلعي – عن متولي مهمة البيع، يرتب بحكم الضرورة انتفاء أصيلا لصفة المكلف، أي انتفاء للالتزامات المقررة بقانون الضريبة العامة على المبيعات على عاتق المكلف، فلا يطالب بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يسأل من قبلها عن تحصيل الضريبة وتوريدها إليها. ويغدو المسئول قانونا عن ذاك هو المكلف الفعلي، مالك تلك السلع المبيعة، الذي يتم البيع لحسابه، بحسبان ترتب كافة الآثار القانونية في ذمته المالية، والذي من المفترض نظرا أن يقوم بتوجيه نائبه صوب تحصيل تلك الضريبة من المشتري. وعليه فإن مالك السلع المبيعة يغدو هو المكلف قانونا بالتحصيل والتوريد، أي الملتزم قانونا في مواجهة مصلحة الضرائب على المبيعات بالاضطلاع بتلك المسئولية القانونية، ولا يكون من التزام البتة على عاتق نائبه القانوني في مواجهة تلك المصلحة، وتنحصر جل مسئولياته – وفقا لأحكام النيابة القانونية أو القضائية – في تنفيذ مهام النيابة الموكلة إليه، سواء تعينت من قبل المكلف ذاته أم من قبل المحكمة أم بموجب ما يقرره القانون مباشرة من شرائط لتلك النيابة، فيصير مسئولا عنها فحسب وذلك قبل من ينوب عنه وفق شرائط النيابة المقررة، فحسب. وعليه فإذا لم يقم نائب المكلف – متولي البيع من الناحية الفنية – بتحصيل الضريبة وتوريدها، فإن التثريب يقع قانونا على عاتق المكلف لا نائبه، ولا من مكنة لمصلحة الضرائب في مطالبة النائب أو الرجوع عليه، حيث يكون الرجوع حالئذ على المكلف ذاته مالك البضائع، الذي لا يقيله من تلك المسئولية محاولة إلقاء عبئها على عاتق نائبه، فهو – أي المكلف – وحده المسئول في مواجهة مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يكون للمكلف سوى الرجوع على نائبه في مطالبة مستقلة يثير فيها الادعاء بإخلال النائب بأحد شرائط النيابة المقررة، وهو شأن لا صلة لمصلحة الضرائب به.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق، أن بعض البنوك قامت بعمليات بيع لسلع مملوكة لبعض من عملائها المتعثرين، وفاءً لحقوقها قبلهم – وذلك إما بسند من أحكام قضائية منحتها تلك المكنة، وإما بموجب المكنات المقررة بالقانون المدني للدائن في الرهون الحيازية – فإن تلك البنوك وهي بصدد الاضطلاع بتلك الأعمال لا تكون بائعاً أصيلا عن نفسها، فهي ليست مالك تلك البضائع، وإنما هي محض نائب عن ملاكها الحقيقيين – نيابة قانونية أو نيابة قضائية – تتولى بيع تلك السلع تحصيلا لحقوقها فحسب، دون أن يكون لها أية حقوق تجاوز هذه الشأن. ومن ثم فإن مرد آثار تلك البيوع يكون لملاكها الحقيقين الذين كما تبرأ ذممهم من ديونهم قبل تلك البنوك – بقدر وفاء أثمان السلع لجملة هذه الديون – تنتقل ملكية هذه السلع من ذممهم المالية إلى ذمم مشتريها. ومن ثم يتعين المكلف حالئذ وفقا لفهم قانون الضريبة العامة على المبيعات، في أشخاص أولئك من ملاك تلك السلع لا البنوك التي تولت المهمة الفنية للبيع فحسب. وعليه فلا تكون البنوك مخاطبة بأحكام المكلفين: أي لا التزام عليها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات. ولا التزام أصيل عليها قبل تلك المصلحة بوجوب تحصيل الضريبة وتوريدها. فإن هي فعلت أي قامت بتحصيل تلك الضريبة من المشترين للسلع التي باعتها. تكون قد قامت بذلك نيابة عن مالكي هذه البضائع المكلفين الأصلاء في هذه البيوع، بل إنه وبفرض أن شرائط النيابة المعقودة للبنوك في بعض من تلك البيوع تلزمها بوجوب تحصيل الضريبة وتوريدها، فهو محض التزام يقوم في العلاقة القانونية المنعقدة بين البنك – النائب – وعميله مالك السلعة – المكلف الأصيل – لا بين البنك ومصلحة الضرائب على المبيعات، بحسبان أن لا علاقة البتة في خصوص مثل تلك العمليات بينهما.
ولما كان ما تقدم، فإن البنوك في أمثال هذه البيوع لا تكون مكلفا، أي لا التزام عليها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يكون من التزام أصيل عليها بتحصيل وتوريد تلك الضريبة المقررة عن عمليات البيوع المشار إليها للمصلحة، فإن هي فعلت فذاك في إطار النيابة المعقودة بينها وبين المكلفين، الأصلاء وإن لم تفعل فإن الالتزام بأداء تلك الضريبة للمصلحة يظل واقعا على عاتق المكلف الأصيل، أي على عاتق مالك السلع المبيعة. والأخير، بعد، وشأنه في العلاقة الثنائية القائمة بينه وبين البنك، إن ارتأى أن البنك قد قصر في شرائط النيابة في مثل هذا البيع والتي كان من مقتضاها القيام بإضافة الضريبة إلى ثمن السلعة وتحصيلها مع توريدها للمصلحة.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:
أولا: عدم التزام البنوك في البيوع التي تجريها وفاء لحقوقها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات.
ثانيا: التزام أصحاب البضائع المباعة، المكلفين الأصلاء بسداد الضريبة المستحقة على تلك البيوع إلى مصلحة الضرائب على المبيعات، إن لم يتول البنك تحصيلها
نص الفتوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة رقم التبليغ :
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريــــــخ : 99 / 99 / 2005
ملف رقم : 37 / 2 / 618
السيد الدكتور / وزير المالية
تحية طيبة وبعد
فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 3709 ] المؤرخ 2/11/2002 في شأن مدى خضوع السلع التي تبيعها البنوك بغية إستئداء حقوقها المقررة لدى أطراف مدينة لها، للضريبة العامة على المبيعات، وما يرتبه الخضوع من التزام عليها بوجوب التسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات.
وحاصل الوقائع –حسبما يبين بالأوراق- أنه قد تبين لمصلحة الضرائب على المبيعات قيام بعض البنوك ببيع سلع خاضعة _ بحكم الطبيعة القانونية _ للضريبة العامة على المبيعات، وذلك بالمزاد العلني، بغية إستئداء حقوق لها لدى مالكي تلك البضائع -من منتجين أو مستوردين أو تجار أو غيرهم ممن يخضع لتلك الضريبة- المدينين لتلك البنوك؛ وذلك إما استناداً لأحكام قضائية تكون صادرة لصالحها، وإما بموجب ما للدائن المرتهن –في الرهون الحيازية –رهن ضمانات- من سلطان قانوني في بيع ما تحت يده من منقول يخص المدين، نتيجة لعدم وفائه بالتزاماته قبل الدائن المرتهن، وهو [ البنك] . فرأت المصلحة خضوع عملية بيع هذه السلع للضريبة العامة على المبيعـات تأسيساً على أن المشرع حدد الواقعة المنشئة للضريبة في واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة، بمعرفة المكلف، المعين بدوره في كل شخص طبيعي أو معنوي يكلف بتحصيل الضريبة وتوريدها، سواء كان منتجاً صناعياً أم تاجراً أم مؤدياً خدمة خاضعة لضريبة_ أياً ما يكون شخص هذا البائع-، فمن ثم والحال هذه، تضحى البنوك القائمة على تلك البيوع خاضعة لقانون الضريبة العامة على المبيعات، فتكلف بالتسجيل كما تكلف بتحصيل وتوريد الضرائب المقررة على تلك السلع المبيعة إلى المصلحة. وعليه فقد طالبت وزارة المالية البنك المركزي توجيه البنوك –القائمة بتلك العمليات- للتقدم للتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، مع التنبيه عليها بوجوب سداد مستحقات المصلحة، عن تلك البيوع التي أجرتها هذه البنوك، سيما وأن بعض البنوك قد قامت بالتسجيل فعلاً. فأحال البنك المركزي الموضوع إلى اتحاد بنوك مصر، الذي بدوره شكل لجنة انتهت إلى أن البنوك ليست من المكلفين الملتزمين بتحصيل الضريبة أو الإقرار عنها وتوريدها، ومن ثم فلا التزام عليها بالتسجيل. وإزاء ذاك الخلف تطلبون الرأي.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 4 من مايو سنة 2005م الموافق 25 من ربيع الأول سنة 1426هـ فتبين لها أن المــادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية، التعريفات الموضحة قرين كل منها: … المكلف: الشخص الطبيعي أو المعنوي المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجاً صناعياً أو تاجراً أو مؤدياً لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه في هذا القانون، وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الإتجار مهما كان حجم معاملاته… البيع: هو انتقال ملكية السلعة أو أداء الخدمة من البائع، ولو كان مستورداً، إلى المشتري، ويعد بيعاً في حكم هذا القانون ما يلي أيها أسبق: – إصدار الفاتورة. – تسليم السلعة أو تأدية الخدمة. – أداء ثمن السلعة أو مقابل الخدمة…. المسجل: هو المكلف الذي تم تسجيله لدى المصلحة وفقاً لأحكام هذا القانون…. مراحل تطبيق الضريبة: – المرحلة الأولى: ويكلف فيها المنتج الصناعي، والمستورد، ومؤدي الخدمة بتحصيل الضريبة وتوريدها للمصلحة. – المرحلة الثانية: ويكلف فيها المنتج الصناعي، والمستورد، ومؤدي الخدمة، وكذلك تاجر الجملة…. – المرحلة الثالثة: ويكلف فيها المنتج الصناعي، والمستورد، ومؤدي الخدمة، وتاجر الجملة، وكذلك تاجر التجزئة 00000. وتنص المادة (2) منه على أن تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثني بنص خاص… وتنص المادة (5) منه على أن يلتزم المكلفون بتحصيل الضريبة وبالإقرار عنها وتوريدها للمصلحة في المواعيد المنصوص عليها في هذا القانون. وتنص المادة (6) على أن تستحق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقاً لأحكام هذا القانون. ويعتبر في حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة في أغراض خاصة أو شخصية، أو التصرف فيها بأي من التصرفات القانونية…… وتنص المادة (18) منه على أن على كل منتج صناعي بلغ أو جاوز إجمالي قيمة مبيعاته من السلع الصناعية المنتجة محلياً الخاضعة للضريبة والمعفاة منها خلال الإثني عشر شهراً السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون 54 ألف جنيه، وكذلك على مورد الخدمة الخاضعة للضريبة وفقاً لأحكام هذا القانون إذا بلغ أو جاوز المقابل الذي حصل عليه نظير الخدمات التي قدمها في خلال تلك المدة هذا المبلغ، أن يتقدم إلى المصلحة بطلب لتسجيل اسمه وبياناته على النموذج المعد لهذا الغرض وذلك خلال المدة التي يحددها الوزير. ويعتبر منتجاً صناعياً في حكم هذا القانون كل أسرة منتجة مسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية طبقاً للقواعد والأحكام التي يتفق عليها مع وزارة الشئون الاجتماعية.
واستعرضت الجمعية العمومية آنف ما استقر عليه إفتاؤها؛ من أن المشرع قد عين مناط استحقاق الضريبة العامة على المبيعات في محض تحقق واقعة بيع السلع أو أداء الخدمات، مما يخضع ابتداء لتلك الضريبة، مفرداً لأحوال البيع السلعي مفهوماً خاصاً لهذا البيع بحسبانه: إما بيعاً حقيقياً هيئته الانتقال الفعلي لملكية السلعة من مالكها –المكلف الفعلي بتحصيل تلك الضريبة وتوريدها لمصلحة الضرائب على المبيعات- وذلك إلى مشتريها _ الملتزم اقتصادياً بتحمل سعرها-، وإمـا بيعاً حكماً يحققه إصدار فاتورة بالبيع، أو تسليم المبيع، أو أداء الخدمة، أو أداء ثمن السلعة كله أو بعضه، بأية صورة من صور السداد. فان تحققت عناصر أي من هذين الحالين استوى التصرف بيعاً، يرتب التزاماً على عاتق المشتري بتحمل سعر الضريبة، كما يرتب التزاماً على عاتق مالكها _ المكلف _ بتحصيل تلك الضريبة من المشتري وتوريدها إلى مصلحة الضرائب على المبيعات.
وقد استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع رتب المسئولية القانونية في شأن هذا الصنف من الضرائب على عاتق المكلف وحده، الذي بدوره هو كل شخص طبيعي أو معنوي له وصف المنتج الصناعي أو وصف التاجر أو وصف المستورد بغرض الاتجار فيما يستورده، ما دامت مبيعاته بلغت حد التسجيل المقرر. فإذا كان البيع المعني مناطاً لتلك الضريبة: هو انتقال ملكية السلعة المبيعة من بائعها إلى مشتريها، فإن المعني بالبائع هنا هو المالك الحقيقي لتلك السلعة، الذي انتقلت ملكيتهـا من ذمته المالية إلى ذمة مشتريها. ومن ثم يغدو المكلف هو المالك الفعلي لتلك السلعة المبيعة، الذي انتقلت ملكية السلعة من ذمته إلى ذمة غيره _ مشتريها. الأمر الذي يضحى معه المكلف في فهـم قانون الضريبة العامة على المبيعات، كل من تتحقق فيه أي من أوصاف المنتج الصناعـي أو التاجر أو المستورد، الذي يملك ابتداء تلك السلعة المبيعة، والذي خلت ذمته المالية من ملكيتها بتحقق واقعة البيع، المنشئة لتلك الضريبة. دون اعتبار، بعد، لشخص من تولى مهمة عملية البيع من وجهتها المادية، أكان هو مالكها البائع أم أياً ممن ينوب عنه في هذا الشأن. إذ المعتبر في إضفاء وصف البائع _ في شأن الضريبة المقررة على البيع- بالاعتبار القانوني، أي بمن يتحقق فيه عناصر المالك الـذي يبيع ملكه، لا من يعهد إليه بمهمة البيع مادياً، الذي يتوفر فيه بدوره وصفاً قانونياً آخر: هو وصف النائب، الذي ينوب عن البائع في القيام بهذه المهمة. وعليه فإن انتفاء صفة البائع، قانوناً، -في خصوص البيع السلعي- عن متولي مهمة البيع، يرتب بحكم الضرورة انتفاءً أصيلاً لصفة المكلف، أي انتفاءً للالتزامات المقررة بقانون الضريبة العامة على المبيعات على عاتق المكلف، فلا يطالب بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يسأل من قبلها عن تحصيل الضريبة وتوريدها إليها. ويغدو المسئول قانوناً عن ذاك هو المكلف الفعلي، مالك تلك السلع المبيعة، الذي يتم البيع لحسابه، بحسبان ترتب كافة الآثار القانونية في ذمته المالية، والذي من المفترض نظراً أن يقـوم بتوجيه نائبه صوب تحصيل تلك الضريبة من المشتري. وعليه فإن مالك السلع المبيعة يغدو هو المكلف قانوناً بالتحصيل والتوريد، أي الملتزم قانوناً في مواجهة مصلحة الضرائب على المبيعات بالاضطلاع بتلك المسئوليات القانونية، ولا يكون من التزام البتة على عاتق نائبه القانوني فـي مواجهة تلك المصلحة، وتنحصر جل مسئولياته –وفقاً لأحكام النيابة القانونية أو القضائية- في تنفيذ مهام النيابة الموكلة إليه، سواء تعينت من قبل المكلف ذاته أم من قبل المحكمة أم بموجب ما يقرره القانون مباشرة من شرائط لتلك النيابة، فيصير مسئولاً عنها فحسب وذلك قبل من ينوب عنه وفق شرائط النيابة المقررة، فحسب. وعليه فإذا لم يقم نائب المكلف –متولي البيع من الناحية الفنية- بتحصيل الضريبة وتوريدها، فإن التثريب يقع قانوناً على عاتق المكلف لا نائبه، ولا من مكنة لمصلحة الضرائب في مطالبة النائب أو الرجوع عليه، حيث يكون الرجوع حالئذ على المكلف ذاته مالك البضائع، الذي لا يقيله من تلك المسئولية محاولة إلقاء عبئها على عاتق نائبه، فهو _أي المكلف- وحده المسئول في مواجهة مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يكون للمكلف سوى الرجوع على نائبه في مطالبة مستقلة يثير فيها الإدعاء بإخلال النائب بأحد شرائط النيابة المقررة، وهو شأن لاصلة لمصلحة الضرائب به.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق، أن بعض البنوك قامت بعمليات بيع لسلع مملوكة لبعض من عملائها المتعثرين، وفاءً لحقوقها قبلهم -وذلك إما بسند من أحكام قضائية منحتها تلك المكنة، وإما بموجب المكنات المقررة بالقانون المدني للدائن في الرهون الحيازية- فإن تلك البنوك وهي بصدد الاضطلاع بتلك الأعمال لا تكون بائعاً أصيلاً عن نفسها، فهي ليست مالك تلك البضائع، وإنما هي محض نائب عن ملاكها الحقيقيين –نيابة قانونية أو نيابة قضائية- تتولى بيع تلك السلع تحصيلاً لحقوقها فحسب، دون أن يكون لها أية حقوق تجاوز هذا الشأن. ومن ثم فإن مرد آثار تلك البيوع يكون لملاكها الحقيقيين الذين كما تبرأ ذممهم من ديونهم قبل تلك البنوك -بقدر وفاء أثمان السلع لجملة هذه الديون- تنتقل ملكية هذه السلع من ذممهم المالية إلى ذمم مشتريها. ومن ثم يتعين المكلف حالئذ وفقاً لفهم قانون الضريبة العامة على المبيعات، في أشخاص أولئك من ملاك تلك السلع لا البنوك التي تولت المهمة الفنية للبيع فحسب. وعليه فلا تكون البنوك مخاطبة بأحكام المكلفين: أي لا التزام عليها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا التزام أصيل عليها قبل تلك المصلحة بوجوب تحصيل الضريبة وتوريدها. فإن هي فعلت أي قامت بتحصيل تلك الضريبة من المشترين للسلع التي باعتها، تكون قد قامت بذلك نيابة عن مالكي هذه البضائع المكلفين الأصلاء في هذه البيوع. بل إنه وبفرض أن شرائط النيابة المعقودة للبنوك في بعض من تلك البيوع تلزمها بوجوب تحصيل الضريبة وتوريدها، فهو محض التزام يقوم في العلاقة القانونية المنعقدة بين البنك –النائب- وعميله مالك السلعة -المكلف الأصيل-، لا بين البنـــك ومصلحة الضرائب على المبيعات، بحسبان أن لا علاقة البتة في خصوص مثل تلك العمليات بينهما.
ولما كان ما تقدم، فإن البنوك في أمثال هذا البيوع لا تكون مكلفاً، أي لا التزام عليها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولا يكون من التزام أصيل عليها بتحصيل وتوريد تلك الضريبة المقررة عن عمليات البيوع المشار إليها للمصلحة، فإن هي فعلت فذاك في إطـار النيابة المعقودة بينها وبين المكلفين الأصلاء، وإن لم تفعل فإن الالتزام بأداء تلك الضريبة للمصلحة يظل واقعاً على عاتق المكلف الأصيل، أي على عاتق مالك السلع المبيعة. والأخير، بعد، وشأنه في العلاقة الثنائية القائمة بينه والبنك، إن ارتأى أن البنك قد قصر في شرائط النيابة في مثل هذا البيع والتي كان من مقتضاها القيام بإضافة الضريبة إلى ثمن السلعة وتحصيلها مع توريدها للمصلحة.
لـــــــــــــذلــــــــــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى:
أولاً: عدم التزام البنوك في البيوع التي تجريها وفاءً لحقوقها بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات.
ثانياً: التزام أصحاب البضائع المباعة، المكلفين الأصلاء، بسداد الضريبة المستحقة على تلك البيوع إلى مصلحة الضرائب على المبيعات، إن لم يتول البنك تحصيلها.
وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريراً فى / / 2005
م// رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار / جمال السيد دحروج
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة