الفتوى رقم 620 لسنة 2015 بتاريخ فتوى : 2015/09/19 و تاريخ جلسة : 2015/02/18 و رقم الملف : 32/2/4245


موضوع الفتوى:

بشأن النزاع القائم بين وزارة الاتصالات والمجلس الأعلى للآثار بخصوص ملكية أرض جنوب القمر الصناعي بحي المعادي .

(أ) أموال الدولة العامة ـ تحقق صفة المال العام.

الأموال العامة تتمثل فى العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة

والتى تكون مُخصصة للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، والأصل فى ملكية الدولة ملكية عامة أنها تستهدف إدارة المرافق العامة التى تضطلع بأعبائها.

(ب) أموال الدولة العامة ـ نقل الانتفاع بالمال العام.

الانتفاع بالمال العام يكون بدون مقابل لأنه لا يخرج عن كونه استعمالاً للمال العام فيما أعد له

ويكون نقل الانتفاع به بين أشخاص القانون العام بنقل التخصيص والإشراف الإدارى

على هذه الأموال، نقل الانتفاع بأموال الدولة بين أشخاص القانون العام إنما تترخص فيه الجهة

التى لها الإشراف الإدارى على هذه الأموال باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل فى ذلك،

بما لا يجوز معه لأية جهة أخرى لا ولاية لها على هذه الأموال أن تتدخل من تلقاء نفسها بتقرير أو إنهاء التخصيص أو تغير وجه المنفعة العامة دون سند من واقع أو قانون.

(ج) المجلس الأعلى للآثار ـ أراضٍ أثرية ـ الإشراف على الأراضى الأثرية.

الأراضى الأثرية، وهى الأراضى المملوكة للدولة والتى عدت أثرية بمقتضى قرارات،

أو أوامر سابقة على العمل بقانون حماية الآثار أو بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، ومتى عُدت أرضًا معينة من الأراضى الأثرية فإنه لا يجوز إخراجها من عداد تلك الأراضى إلا بالأداة ذاتها التى عدتها كذلك، إذ تعد هذه الأراضى ـ كأصل عام عدا ما كان منها

وقفًا أو ملكًا خاصًا ـ من الأموال العامة المملوكة للدولة التى لا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها بالقانون ـ خول المشرع المجلس الأعلى للآثار ولاية الإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار ومن بينها الأراضى الأثرية.

 

نص الفتوى:

بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

مجلس الدولة رقم التبليغ :

الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريــخ : / / 2015

ملف رقم : 32 / 2 / 4245

السيد المهندس/ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

تحية طيبة وبعد…

اطلعنا على كتابكم رقم (767) المؤرخ في 21/8/2013 بشأن النزاع القائم بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمجلس الأعلى للأثار بخصوص ملكية أرض جنوب القمر الصناعى بحى المعادى.

وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (142) لسنة 2004 متضمنا فى المادة الرابعة منه – بعد تعديلها بموجب حكم المادة الثانية من القرار رقم (989) لسنة 2005 – نقل ملكية قطعة أرض مساحتها (72783.5)م2 جنوب القمر الصناعى بحى المعادى من رأسمال

الشركة المصرية للاتصالات إلى الدولة ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ونظراً لظهور الصبغة الأثرية على أجزاء من هذه الأرض، فقد صدرت قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام (127)

المؤرخ فى 5/9/1994، (1553) المؤرخ فى 18/10/2001، (558) المؤرخ فى 7/6/2010

باعتبار بعض المساحات بالأرض المشار إليها المملوكة للدولة أرضاً أثرية بمساحة إجمالية بلغت (67333.5)م2 ومنذ صدور هذه القرارات خضعت هذه الأرض لولاية المجلس الأعلى للآثار باعتباره الجهة المنوط بها الإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار.

وقد تقدمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بطلب إلى مأمورية الشهر العقارى بالمعادى برقم (1190) لسنة 2011 والمجدد بالطلب رقم (672) لسنة 2012 لشهر وتسجيل ملكية الأرض

بكامل مساحتها (72783.5)م2، إلا أن مأمورية الشهر العقارى بالمعادى خاطبت وزارة الاتصالات

فى 10/12/2012 بما يفيد رفض الطلب المذكور وذلك بناء على خطاب منطقة آثار حلوان والذى ورد فيه أن تلك الأرض هى ملك المجلس الأعلى للأثار.

وإزاء اعتراض المجلس الأعلى للآثار على طلب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات شهر وتسجيل الأرض محل النزاع لذا تطلبون عرض النزاع على الجمعية العمومية.

وفى معرض رد المجلس الأعلى للآثار على النزاع ورد كتابه المؤرخ فى 3/4/2014

الموجه إلى إدارة الفتوى المختصة والذى يفيد بأن الأرض محل النزاع هى من المناطق الآثرية النادرة لاحتوائها على آثار ما قبل التاريخ ومن ثم تخرج عن دائرة التعامل فلا يجوز بيعها أو التصرف فيها

بأى وجه من الأوجه.

ونفيد: أن النزاع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلتسها المنعقدة

فى 18 من فبراير عام2015م الموافق 28 من شهر ربيع الآخر عام 1436 هـ؛ فتبين لها أن المادة (87) من القانون المدنى تنص على أن: 1- تعتبر أمولاً عامة العقارات والمنقولات التى للدولة

أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم

أو قرار من الوزير المختص. 2- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، وتنص المادة (88) من القانون ذاته على أن: تفقد الأموال صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وينتهى التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض

الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة. كما تبين لها أن المادة الثانية من القانون رقم (117) لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار تنص على أن: فى تطبيق أحكام هذا القانون والقانون المرافق، يقصد بكل من الكلمات والعبارات التالية، المعانى المبينة قرين كل منها: الوزير: الوزير المختص بالثقافة. المجلس: المجلس الأعلى للآثار…، وتنص المادة (3) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983على أن: تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون

أو التى يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة. ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة إخراج أية أرض

من عداد الأراضى الأثرية أو أراضى المنافع العامة للأثار إذا ثبت للمجلس خلوها من الآثار، أو أصبحت خارج أراضى خط التجميل المعتمد للأثر. وتنص المادة (5) من القانون ذاته على أن: مع مراعاه حكم المادة (32)

من هذا القانون، يختص المجلس دون غيره بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها….

وتنص المادة (6) منه على أن: تعتبر من الأموال العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضي التي اعتبرت أثرية عدا ما كان وقفا أو ملكا خاصا فيجوز تملكه وحيازته والتصرف فيه فى الأحوال والشروط المنصوص عليها فى هذا القانون ولائحته التنفيذية.

كما استبان للجمعية العمومية أن المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم (82) لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار تنص على أن: تنشأ هيئة عامة قومية تسمى المجلس الأعلى للآثار تكون لها الشخصية الاعتبارية، ومقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الآثار.

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – وعلى ما جرى عليه إفتاؤها – أن الأموال العامة هى تلك العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل

أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، وأن الأصل فى ملكية الدولة ملكية عامة

أنها تستهدف إدارة المرافق العامة التى تضطلع بأعبائها، وأن الانتفاع بالمال العام يكون بدون مقابل

لأنه لا يخرج عن كونه استعمالاً للمال العام فيما أعد له ويكون نقل الانتفاع به بين أشخاص القانون العام بنقل التخصيص والإشراف الإدارى على هذه الأموال، ولا يعد ذلك من قبيل النزول عن أملاك الدولة

أو التصرف فيها، وذلك لأنه لا يصح القول بتعدد الدومين العام استناداً إلى المادة (87) من القانون المدنى؛ لأن هذه المادة وردت بشأن تحديد صفة المال العام المخصص للمنفعة العامة سواء أكانت تحت يد الدولة

أم الأشخاص الاعتبارية العامة، بل إن نصوص القانون المدنى تُعين على القول بوحدة الدومين العام، فالمادتان (87، 88) حين تعرضتا لأحوال تخصيص المال العام للمنفعة العامة أو انتهاء هذا التخصيص

وفقد صفتة كمال عام قضتا بأن يكون التخصيص أو الإنهاء بقانون أو مرسوم أو بقرار من الوزير المختص أو بالفعل، ومفاد ذلك أيضاً أنه حيث يكون التخصيص أو الإنهاء بعمل قانونى، فإن المشرع حصر ذلك العمل فى قانون أو مرسوم أو قرار وزارى، وهى أدوات لا تصدر إلا من سلطات الدولة، وهو ما يعنى انفراد الدولة

بملكية الدومين العام ولو كان تحت يد غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، ومن ثم فإن نقل الانتفاع بأموال الدولة بين أشخاص القانون العام إنما تترخص فيه الجهة التى لها الإشراف الإدارى على هذه الأموال باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل فى ذلك، بما لا يجوز معه لأية جهة أخرى لا ولاية لها على هذه الأموال أن تتدخل من تلقاء نفسها بتقرير أو إنهاء التخصيص أو تغير وجه المنفعة العامة دون سند من واقع

أو قانون، إذ إن وصف الجهة بأنها من أشخاص القانون العام لا يستنهض لها حقاً فى تقرير أو نقل

أو إنهاء وجه المنفعة العامة للمال الخاضع لإشراف جهة أخرى.

كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع فرض حماية خاصة على الأراضي الأثرية، وهى الأراضي المملوكة للدولة والتي عدت أثرية بمقتضى قرارات، أو أوامر سابقة على العمل بقانون حماية الآثار أو بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، ومتى عُدت أرضاً معينة من الأراضى الأثرية فإنه لا يجوز إخراجها من عداد تلك الأراضى إلا بالأداة ذاتها التي عدتها كذلك، إذ تعد هذه الأراضى

– كأصل عام عدا ما كان منها وقفاً أو ملكاً خاصاً – من الأموال العامة المملوكة للدولة التي لا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها بالقانون، وقد خول المشرع المجلس الأعلى للآثار ولاية الإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار و من بينها الأراضى الأثرية.

ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض محل النزاع الماثل

والبالغ مساحتها (67333.5)م2 والكائنة بجنوب محطة القمر الصناعى – بحى المعادى – محافظة القاهرة عدت آثرية بموجب قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام( 2127) المؤرخ فى 5/9/1994،

(1553) المؤرخ فى 18/10/2001، (1588) المؤرخ فى 7/6/2010 وتضمنت هذه القرارات

أن هذه الأراضى مملوكة للدولة، ومنذ صدور هذه القرارات – والتى يسبق بعضها صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (142) لسنة 2004 معدلا بالقرار رقم (989) لسنة2005 بنقل ملكية قطعة أرض مساحتها (72783.5)م2 جنوب القمر الصناعى بحى المعادى من رأسمال الشركة المصرية للاتصالات إلى الدولة ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و بعضها تالى لصدور القرار المنوه عنه ـ تولى المجلس الأعلى للآثار الحراسة والإشراف على تلك المساحة بوصفه المختص دون غيره بالإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار.

وحيث إن الأراضى الآثرية المملوكة للدولة تعد من الأموال العامة، ولم يثبت من أوراق النزاع

أن وجه المنفعة العامة انحسر عن الأرض محل النزاع الماثل بمقتضى سند قانونى يُعتد به، ومن ثم يحظر تملك أو حيازة أو التصرف فى هذه المساحة وذلك على وفق حكم المادة (6) من القانون رقم (117) لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المشار إليه، الأمر الذى تغدو معه مطالبة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأحقيتها فى ملكية قطعة الأرض محل النزاع ومطالبتها باتخاذ إجراءات شهر وتسجيل الأرض محل النزاع فى الشهر العقارى غير قائمة على سند من القانون حريةً برفضها.

لــذلــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى، رفض طلب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى النزاع الماثل، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في: / /2015

رئيس رئـيس

المكتب الفنى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع

المستشار/

شــريف الشـــــــــاذلي المستشار/

محـــمــــد إبراهيــــم قـــشطــــة

نائب رئيس مجلس الدولة النائب الأول لرئيس مجلس الدولة