الفتوى رقم 771 لسنة 2020 بتاريخ فتوى : 2020/04/12 و تاريخ جلسة : 2020/03/11 و رقم الملف : 32/2/3918


موضوع الفتوى:
بشأن النزاع القائم بين أكاديمية البحث العلمي والوحدة المحلية لمركز ومدينة المنيا، بخصوص سداد الأخير مبلغ (492000) جنيه تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بالأكاديمية نتيجة تغيير موقع إنشاء محطة مياه بقرية طوه- مركز المنيا.

نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2020

ملف رقم: 32/2/3918

السيد اللواء/ محافظ المنيا.
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (1786) المؤرخ فى 24/11/2008م، بشأن النزاع القائم بين أكاديمية البحث العلمي والوحدة المحلية لمركز ومدينة المنيا، بخصوص سداد الأخير مبلغ (492000) جنيه تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بالأكاديمية نتيجة تغيير موقع إنشاء محطة مياه بقرية طوه- مركز المنيا.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق– أنه بتاريخ 7/6/2006م، تعاقدت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا- بما لها من خبرات علمية في مجال الاستخدام التكنولوجي في قطاع مياة الشرب على المستوى القومي، وما تتطلع إليه نحو تنفيذ إنشاء محطات مياه باستخدام تكنولوجيات حديثة منخفضة التكاليف، بالتعاون مع فريق بحثي من كلية الهندسة بجامعة المنصورة- مع مركز ومدينة المنيا على إنشاء محطة مياه مرشحة للشرب بناحية طوه التابعة إلى مركز المنيا، تصرف 100 ل/ث وفقًا للشروط والمواصفات الواردة بالمقترح الابتدائي المعتمد من جانب المختصين بمحافظة المنيا والسابق تقديمها من الباحث الرئيس للمشروع، ونظراً إلى تغير موقع المشروع وزيادة أسعار مواد البناء، فقد طالبت الأكاديمية مركز ومدينة المنيا بسداد مبلغ (492000) جنيه تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بها، نتيجة تغيير الرسومات الهندسية والدراسات الفنية التي أعدتها للموقع الجديد، فضلا عن تحملها فروق الأسعار التي نتجت عن فسخ التعاقدات المبرمة (خلال الأجل المضروب لتنفيذ العقد) مع مقاولي وموردي الباطن، وتعاقدها مع مقاولين آخرين بعقود جديدة بأسعار مختلفة لتنفيذ المشروع في موقعه الجديد، وخلال مدة زمنية أخرى بعد انتهاء مدة عقد الموقع القديم، وهو ما أصابها بأضرار جسيمة، في حين أن محافظة المنيا ترى أن تغيير الموقع لم يؤدّ إلى إضافة أي أعباء مالية على الأكاديمية، ولم يصبها بأي أضرار، وإزاء النزاع بين الطرفين حول هذا الاستحقاق، فقد طلبت محافظة المنيا عرض موضوع المنازعة على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
وقد عرض الموضوع على الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 18 من مايو 2011م، فانتهت إلى: تكليف طرفي النزاع بتشكيل لجنة فنية برئاسة أحد أساتذة كلية الهندسة بجامعة المنيا، وعضوية ممثلي طرفي النزاع، تكون مهمتها بيان ما إذا كان تعديل الموقع قد أدى إلى تكبد الأكاديمية نفقات إضافية من عدمه، وتقدير هذه المبالغ على أن يتم موافاة الجمعية العمومية بتقرير اللجنة في هذا الشأن. وتم تشكيل اللجنة بقرار رئيس مركز ومدينة المنيا رقم (163) لسنة 2011 وباشرت مهمتها، وأعدت تقريرًا بما انتهت إليه، وعرض هذا التقرير على الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 20 من نوفمبر 2013م، فتبين لها أن: التقرير ذكر أن الأكاديمية تستحق فروق أسعار تمثل قيمة ما تحملته نتيجة تأخر الوحدة المحلية لمدينة المنيا في تسليمها الموقع الجديد، إلا أنه خلا من بيان مقدار هذه الفروق والمعيار المحاسبي الذي على أساسه تم تقديرها، وعلى هذا الأساس انتهت الجمعية العمومية إلى: تكليف اللجنة الفنية السابق تشكيلها باستكمال مهمتها وتحديد مقدار ما تحملته فعلا أكاديمية البحث العلمي من فروق أسعار، وتحديد المعيار الذي على أساسه قدرت هذه المبالغ، على أن يتم موافاة الجمعية بتقرير اللجنة في هذا الشأن قبل جلستها المزمع عقدها في 15/1/2014.
وإزاء عدم ورود تقرير اللجنة المتقدم ذكره، فقد عُرض موضوع النزاع بحالته الراهنة على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها بتاريخ 11 من مارس عام 2020م الموافق 16 من رجب عام 1441هـ؛ فتبين لها أن المادة (147) من القانون المدني تنص على أن: (1) العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون. (2) ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك، وأن المادة (148) منه تنص على أن: (1) يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية…، وأن المادة (658) منه تنص على أنه: إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم اتفق عليه مع رب العمل، فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في الأجر ولو حدث في هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعًا إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذونًا به منه واتفق مع المقاول على أجره… 3- وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولية وأجور الأيدي العاملة أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة في الأجر ولو بلغ هذا الارتفاع حدًّا يجعل تنفيذ العقد عسيرًا… 5- على أنه إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد، وتداعى بذلك الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد.
كما تبين لها أن المادة (1) من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أنه: على الدائن إثبات الالتزام، وعلى المدين إثبات التخلص منه، وأن المادة (2) منه تنص على أن: يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجائزاً قبولها.
واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى به إفتاؤها من أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون يقضي بأن يكون تنفيذ العقود بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن هذا الأصل يطبق على العقود الإدارية شأنها في ذلك شأن العقود المدنية، ومقتضاه أن يلتزم كل طرف في العقد بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، فإن حاد أيهما عن هذه السبيل كان مسئولا عن إخلاله بالتزامه العقدي، ويجب حمله على الوفاء به, كما أن من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة والمزايا التي ينتفع بها، بحسبان أن أحكام العقد تؤلف في مجموعها التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين, فإذا ترتب على تعديل التزامات المتعاقد مع الإدارة زيادة في أعبائه المالية أو في مدة التنفيذ، فليس من العدل أن يتحمل المتعاقد وحده تلك الأعباء، بل يكون له في مقابل ذلك أن يُحفظ بالتوازن المالي للعقد، فإذا انتهى تدخل الإدارة بالتعديل إلى الإخلال بهذا التوازن، فهنا ينبغي إعادته إلى ما كان عليه من خلال تعديل التزامات الإدارة بما يحفظه مرة أخرى.
كما استظهرت الجمعية العمومية أن الخطأ العقدي في مقام المسئولية العقدية، وفي العقود بصفة عامة، هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أيًّا كان سبب ذلك، بحيث يستوي أن يكون عدم التنفيذ ناشئًا عن عمده أو إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال، ومن أولى الالتزامات التي تفرضها عقود المقاولات والتشييد والبناء على الجهة الإدارية، أن تلتزم بتسليم المقاول الموقع المحدد للتنفيذ، خاليًا من جميع الموانع، تمهيدا لتنفيذ التزاماته الإنشائية المطلوبة، وغني عن البيان أن إخلال الجهة الإدارية في تنفيذ التزامها المتقدم من شأنه أن يوجب مسئوليتها عن تعويض الأضرار التي قد تلحق المقاول، نتيجة ذلك، وأن مبلغ هذا التعويض يجب أن يكون جابرًا لكافة الأضرار التي ترتبت على ذلك الخطأ، وأن يكون متكافئا معه فلا يزيد عليه أو يكون دونه، ويقع على المتعاقد المضرور عبء بيان عناصر الضرر الذي ألم به من خطأ الإدارة وتحديد الدليل الذي يؤيده.
كما استعرضت الجمعية العمومية ما جرى به إفتاؤها من أن إثبات الالتزام يقع على عاتق الدائن، وأن على المدين إثبات التخلص منه، فإذا ما استطاع مدعى الحق إثبات وجوده، كان على المدعى عليه (المدين) أن يثبت تخلصه منه، إما بإثبات عدم تقرير الحق أصلاً، أو عدم ثبوته للمدعى (الدائن)، أو انقضائه؛ وذلك كله على الوجه المطابق للقانون، فالمدعى هو الذى يتحمل عبء إثبات ما يدعيه، فإذا ما أقام الدليل الكافي على ذلك كان على المدعى عليه أن يقيم الدليل النافى لادعائه.
وهديًا بما تقدم، ولما كانت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا – بالتعاون مع فريق بحثي من كلية الهندسة بجامعة المنصورة- مع مركز ومدينة المنيا، تعاقدت بتاريخ 7/6/2006 على إنشاء محطة مياه مرشحة للشرب بناحية طوه التابعة إلى مركز المنيا، تصرف 100 ل/ث، خلال مدة سبعة أشهر تبدأ من تاريخ تحصيل الأكاديمية للدفعة المقدمة أو من خلال محضر تسلم الموقع أيهما لاحق، على أن تلتزم الجهة المتعاقدة بتسليم الموقع المخصص للتنفيذ خاليًا من كافة الموانع،
وتم تحرير شيك بمبلغ الدفعة المقدمة باسم الأكاديمية بتاريخ 12/6/2006م، وحال نهوضها في التاريخ نفسه إلى بدء التنفيذ في الموقع المحدد من جانب الجهة اعترض الأهالي، وهو ما حدا بمحافظة المنيا إلى تحديد موقع بديل لتنفيذ الأعمال بتاريخ 28/1/2007م، وفي ضوء أن الدراسات الفنية والتصميمات وعقود مقاولي الباطن التي أجرتها وأبرمتها الأكاديمية لتنفيذ المشروع المشار إليه، كانت مناسبة للموقع الأول، فقد عاودت إعداد دراسات جديدة وتصميمات أخرى وعقود تتناسب مع الموقع الجديد، وتم بدء الأعمال بالفعل في 26/3/2007م، وهو ما حدا بالأكاديمية إلى مطالبة مركز ومدينة المنيا بأداء مبلغ (492000) جنيه عبارة عن مبلغ (123000) جنيه نفقات لتغيير الدراسات الفنية والتصميمات السابق إعدادها ومبلغ (365000) جنيه فروق أسعار.
وحيث إنه عن المطالبة بمبلغ ( 123000) جنيه نفقات تغيير الدراسات والتصميمات، فإنه يتبين مما تقدم أن مركز ومدينة المنيا قد أخل بالتزامه العقدي بتسليم موقع الأعمال (المتفق عليه) خاليًا من الموانع إلى الأكاديمية من أجل تنفيذ المشروع، في الأجل الزمني المحدد، وذلك بسبب عدم تحري الدقة اللازمة في الوقوف على سائر ما يحيط بهذا الموقع من صعوبات تقف دون صلاحيته للتشغيل والتنفيذ السليم للعقد، بما له كجهة إدارية عامة من مكنات وسلطات تكفل تحقيق ذلك، وهو ما يعد إخلالاً من جانبه بتنفيذ أول التزاماته المقررة بالعقد، وهو ما يوجب مسئوليته العقدية عما يلحق الأكاديمية من أضرار ناتجة عن تقرير تغيير هذا الموقع بآخر صالح للتنفيذ، عن إعادة التوازن المالي، ويشترط لاستحقاق هذا التعويض وقوع أضرار على الأكاديمية من جراء هذا التغيير، وإذ انتهت اللجنة الفنية المشكلة من طرفي النزاع بناء على قرار الجمعية العمومية بجلستها المنعقدة في 18/5/2011م إلى أن ما تكلفته الأكاديمية نتيجة عمل الجسات وإعادة ترتيب المنشآت من جديد وتجهيز جميع المستندات اللازمة لتنفيذ المحطة من رسومات هندسية كاملة للمحطة في الموقع الجديد وخلافه حتى تؤدي المحطة عملها بكامل طاقتها قد بلغ (36900) ستة وثلاثين ألفًا وتسعمائة جنيه لا غير، وأن ما تكلفته الأكاديمية نتيجة الزيادة في المساحة والتي نشأ عنها زيادة في تكلفة تسوية الموقع العام (تكلفة الأرصفة الزائدة، تكلفة البردورات الزائدة، وتكلفة الأسوار الزائدة، وتكلفة تسوية الطرق والبلاطات الخرسانية) قد بلغ (10000) عشرة آلاف جنيه لا غير، وإذ نطمئن إلى سلامة هذا الرأي الفني، فإن الأكاديمية تستحق مبلغ (46900) ستة وأربعين ألفًا وتسعمائة جنيه لا غير، ويقع على عاتق مركز ومدينة المنيا الالتزام بأداء هذا المبلغ.
وحيث إنه عن المطالبة بأداء مبلغ (365000) جنيه فروق الأسعار، فقد انتهت اللجنة المشار إليها إلى أحقية الأكاديمية في قيمة التغير في فروق الأسعار كقيمة مترتبة على انقضاء مدة العقد دون بدء العمل طبقًا لقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 1864 لسنة 2003 و229 لسنة 2004 مع الرجوع إلى الجداول المحددة من وزارة الإسكان في هذا الشأن، وإذ قدرت الأكاديمية فروق الأسعار بمبلغ (295653,9) جنيهًا فقط من أصل المبلغ المطلوب، وإذ ثبت تحقق ضرر بأكاديمية البحث العلمي نتيجة خطأ مركز ومدينة المنيا المشار إليه، على النحو الذي أثبته تقرير اللجنة المودع بالأوراق، ومن ثم يلتزم هذا الأخير بالتعويض عن هذا الخطأ، ويقع على عاتقه المجادلة في مقدار التعويض الذى حددته الأكاديمية، وإذ كان الحاصل أن مركز ومدينة المنيا لم يجادل فى (مقدار) فروق الأسعار المشار إليها والمحددة من قبل الأكاديمية وفقًا لقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 1864 لسنة 2003 و229 لسنة 2004 والجداول المحددة من وزارة الإسكان في هذا الشأن، بمبلغ 295653.9 جنيهًا، فإنه يلتزم بأداء هذا المبلغ.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أحقية أكاديمية البحث العلمي في مبلغ مقداره (342553.9) ثلاثمائة واثنان وأربعون ألفًا وخمسمائة وثلاثة وخمسون جنيهًا وتسعه قروش، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2020م
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة