الفتوى رقم 800 لسنة 1999 بتاريخ فتوى : 1999/12/13 و تاريخ جلسة : 1999/10/20 و رقم الملف : 54/1/358
موضوع الفتوى:
عقد – غرامات التأخير – طبيعتها –النسب المحددة بالقانون لتلك الغرامات ليست من النظام العام –وجوب الالتزام بنسب الغرامات المنصوص عليها فى العقد – تطبيق
نص الفتوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة رقم التبليغ :
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بتاريـــــــــخ : / / 1999
ملف رقم : 54 / 1 / 358
فضيلة الإمام الأكبر / شيخ الجامع الأزهر
السلام عليكم ورحمة وبركاته… وبعد
فقد إطلعنا على كتابكم المؤرخ 22/6/1999 فى شأن طلب الإفادة بالرأى عن مدى أحقية الجمعية التعاونية الإنتاجية لإمداد وخدمات المنشآت الطبية وغيرها (اللواء) المتعاقد معها على توريد الأغذية لطلاب المعاهد الأزهرية بمنطقة الشرقية الأزهرية للعام الدراسى 98/1999 فى المطالبة بتطبيق الغرامة الواردة بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 1983 ولائحته التنفيذية دون الإلتفات إلى النسب والحدود والأسس المبينة فى عقد التوريد المبرم مع الجمعية المذكورة وكراسة الشروط الملحقة به .
وحاصل وقائع الموضوع ــ حسبما يبين من الأوراق ــ أن الأزهر الشريف طرح المناقصة العامة لتوريد الأغذية لمنطقة الشرقية الأزهرية للعام المالى98/1999 على أساس كراسة الشروط والمواصفات المعدة لهذا الغرض من إدارة التغذية التابعة للإدارة العامة لرعاية الطلاب بقطاع المعاهد الأزهرية، والتى أُرسيت على الجمعية المذكورة، وأُبرم معها عقد التوريد فى 8/10/1998 والذى بلغت قيمته 3465329 جنيه وعلى أن يبدأ التوريد إعتباراً من تاريخ توقيع العقد ولمدة عام دراسى كامل، وأن الجمعية المذكورة لم توف بإلتزاماتها حيث إمتنعت عن توريد صنف من البرتقال خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر وتعللت أن عدم التوريد يرجع إلى أسباب خارجة عن إرادتها لعدم وجود محصول البرتقال خلال تلك الفترة بالأسواق وأن الذى كان موجوداً فيه بشاير فقط، وأن الصنف غير أساسى، كما إمتنعت عن توريد الوجبة الجافة لبعض المعاهد الأزهرية لبضعة أيام فى بداية العام الدراسى متعللة بعدم معرفة مندوبى الجمعية بأماكن وعناوين تلك المعاهد، وأنه إزاء ما تقدم فقد قامت منطقة الشرقية الأزهرية بتوقيع غرامات ماليــة على الجمعية المذكورة وفقاً للنسب الواردة بكراسة شروط المناقصة مما حدا بالجمعية إلى تقديم إلتماس إلى فضيلة وكيل الأزهر الشريف تتضرر فيه من توقيع هذه الغرامات، وأُحيل الإلتماس إلى الإدارة المركزية للشئون القانونية حيث إنتهى الرأى إلى عرض الموضوع على إدارة الفتوى لوزارات الصحة والأوقاف وشئون الأزهر و التى إنتهت بفتواها رقم 353 بتاريخ 24/4/1999 إلى جواز رفع الغرامة الموقعة على الجمعية بالنسبة لعدم توريد صنف البرتقال فى الفترة من بداية أكتوبر وحتى منتصف نوفمبر نظراً لعدم توافر هذا الصنف فعلاً بالأسواق خلال تلك الفترة وفقاً لما ثبت بمذكرة منطقة الشرقية الأزهرية بتاريخ 14/12/1998 وذلك على أساس أن عدم التوريد كان ناجماً عن سبب خارج عن إرادة الجمعية، وعدم جواز رفع الغرامة الموقعة على الجمعية المذكورة لعدم توريدها صنف الوجبة الجافة لبعض المعاهد الأزهرية لبضعة أيام حيث كان ينبغى على مندوبى الجمعية الموردة الإلمام بعناوين المعاهد الأزهرية قبل بدء التوريد، وأنكم وافقتم فى 10/5/1999 على تنفيذ ما إنتهت إليه الفتوى، وأُخطرت منطقة الشرقية الأزهرية بهذه الموافقة إلا أن الجمعية تقدمت بطلب إلى فضيلة وكيل الأزهر الشريف تطلب فيه توقيع غرامة التأخير عن عدم توريد الوجبة الجافة بواقع 1% وبحد أقصى 4% طبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية وأُحيل الطلب إلى الإدارة العامة للتفتيش المالى والإدارى التى إنتهت بمذكرتها المؤرخة 2/6/1999 إلى أحقية الأزهر فى توقيع غرامة التأخير عن عدم توريد الوجبة الجافة طبقاً لِما هو منصوص عليه بكراسة الشروط والمواصفات الخاصة بتوريد الأغذية للمعاهد الأزهرية والعقد المُبرم مع الجمعية فتقدمت الجمعية بشكوى أخرى عن ذات الموضوع تم بحثها بمعرفة الإدارة المركزية للشئون القانونية والتى إنتهت بمذكرتها المؤرخة 14/6/1999 إلى أحقية منطقة الشرقية الأزهرية فى تطبيق الغرامات المنصوص عليها فى العقد المبرم مع الجمعية والواردة بكراسة الشروط الملحقة بالعقد وتم حفظ الشكوى المقدمة من الجمعية وإزاء هذا الخلاف بين الأزهر وبين الجمعية فقد ارتأيتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية .
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 20 من أكتوبر سنة 1999 م الموافق 11 من رجب سنة 1420هـ فتبين لها أن القانون المدنى ينص فى المادة {147} على أن 1ــ العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون … وأن المادة {148} من ذات القانون تنص على أن 1ــ يجب تنفيذ العقد طبقاً لما إشتمل عليـــه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حُسن النية… وأن قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 ــ الذى أُبرم العقد فى ظله ــ ينص فى المادة {26} على أن إذا تأخر المتعاقد فى تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة إذا إقتضت المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مُهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير بالنسب وطبقاً للأسس وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية وينص عليها فى العقد بحيث لا يجاوز مجموع الغرامة 15% بالنسبة لعقود المقاولات و 4% بالنسبة لعقود التوريد، وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو إتخاذ أى إجراءات إدارية أو قضائية أخرى …. وتنص اللائحة التنفيذية للقانون المذكور فى المادة {92} على أن إذا تأخر المتعهد فى توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها فى الميعاد المحدد بالعقد ويدخل فى ذلك الأصناف المرفوضة فيجوز للسلطة المختصة بالإعتماد إذا إقتضت المصلحة العامة إعطاءه مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة قدرها 1% عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع من قيمة الكمية التى يكون المتعهد قد تأخر فى توريدها بحد أقصى 4% من قيمة الأصناف المذكورة …
وإستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ــ وحسبما جرى عليه إفتاؤهاـ أن المشرع وضع أصلاً من أصول القانون ينطبق فى العقود المدنية والإدارية على حدٍ سواء مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقاً لِما إشتمل عليه وبطريقة تتفق مع مقتضيات حُسن النية، وأن غرامات التأخير المقررة قانوناً وتلك التى ينص عليها فى العقود الإدارية هى جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بإلتزامه فى المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بإنتظام ولا يتوقف إستحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بإلتزامه،كمالا يعفى منها إلا إذا أثبت أن إخلاله بإلتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى خطأ جهة الإدارة المتعاقد معها، وأن المشرع حدد نسبة غرامة التأخير التى يجوز توقيعها على المتعاقد عند الإخلال بإلتزامه بحدين أدنى وأقصى بيد أن ذلك التحديد ليس من النظام العام فإذا تضمن العقد المبرم مع جهة الإدارة نسباً أخرى لهذه الغرامة فلا مناص من الإلتزام بأحكامه إعلاء لمبدأ العقـــــد شريعة المتعاقدين الذى يقضى بأن تقوم قواعد العقد بالنسبة لطرفيه مقام قواعد القانون.
ولما كان الثابت من الأوراق أن العقد المبرم بين الأزهر والجمعية الموردة نص فى البند الأول على إعتبار كراسة الشروط والمواصفات ومحضر لجنة البت جزءً لا يتجزأ من العقد . وقد تضمنت كراسة الشروط والمواصفات أحكاماً تفصيلية تتعلق بغرامات التأخير وردت على نحو مغاير لما تضمنته أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه ولائحته التنفيذية، وعلى أساس هذه الأحكام المغايرة طُرحت المناقصة وتم التعاقد، وكانت هذه الأحكام تحت نظر الجمعية المتعاقدة وقبلتها دون تحفظ عند التعاقد ومن ثم يكون الطرفان قد ارتضيا تلك الأحكام التى إندمجت فى شروط العقد وأصبحت مُلزمة لطرفيه ولا مجال للفكاك منها .
وعلى هدى مما تقدم، فإنه عند توقيع غرامات التأخير على الجمعية المتعاقدة فى الحالة المعروضة يتعين الإلتزام بنسب الغرامة المتفق عليها فى العقد المشار إليه .
لـــــــــــــذلــــــــــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى الإلتزام بنسب الغرامة المنصوص عليها فى العقد المشار إليه فى الحالة المعروضة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته