الفتوى رقم 924 لسنة 2020 بتاريخ فتوى : 2020/05/11 و تاريخ جلسة : 2020/03/25 و رقم الملف : 32/2/4857
موضوع الفتوى:
بشأن النزاع القائم بين محافظ الشرقية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى (صندوق العاملين بالقطاع الحكومى)، بخصوص إلزام الأخيرة بسداد مبلغ مقداره (60762,50) ستون ألفًا وسبعمائة واثنان وستون جنيهًا وخمسون قرشًا يعادل نسبة (5%) من إجمالي الثمن المنصوص عليه فى العقد المُبرم بينهما بخصوص بيع عدد (8) وحدات إدارية وعدد (3) محال تجارية.
نص الفتوى:
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2020
ملف رقم: 32/2/4857
السيد الأستاذ الدكتور/ محافظ الشرقية.
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (12) المؤرخ 1/1/2019، الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن النزاع القائم بين محافظ الشرقية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى (صندوق العاملين بالقطاع الحكومى)، بخصوص إلزام الأخيرة بسداد مبلغ مقداره (60762,50) ستون ألفًا وسبعمائة واثنان وستون جنيهًا وخمسون قرشًا يعادل نسبة (5%) من إجمالي الثمن المنصوص عليه فى العقد المُبرم بينهما بخصوص بيع عدد (8) وحدات إدارية وعدد (3) محال تجارية.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق– أنه بتاريخ 27/12/2006، تم إبرام عقد بيع ابتدائى بين محافظة الشرقية (طرفًا أول بائعًا) والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى (صندوق العاملين بالقطاع الحكومى) (طرفًا ثانيًا مشتريًا)، وبموجب هذا العقد باع الطرف الأول عدد (8) وحدات إدارية و(3) محال تجارية للطرف الثانى، وذلك بالبرجين رقمى (1 و2) الكائنين بشارع فاروق – مدينة الزقازيق – محافظة الشرقية، وقد تضمن البند السادس من العقد النص على أن تُحتجز نسبة 5% من إجمالى الثمن والتى تبلغ (60762.50) ستين ألفًا وسبعمائة واثنين وستين جنيهًا وخمسين قرشًا على أن يتم الوفاء بها عند تمام التسجيل للمشترى أو مضى عام من تاريخ تسليمه أيهما أبعد، وذلك تطبيقًا لنص المادة (106) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، وقد تم تسليم الوحدات والمحال محل التعاقد بتاريخ 27/12/2006م، وقد طالبت محافظة الشرقية الهيئة بمكاتبات عديدة ضرورة السير فى إجراءات تسجيل العقد – أمام مصلحة الشهر العقارى وسداد قيمة 5% المتبقية من قيمة الثمن المنصوص عليها بالعقد، إلا أن الهيئة ردت على هذه المكاتبات بعدم جواز سداد المبلغ المذكور إلا بعد الانتهاء من إجراءات تسجيل العقد، وإزاء ذلك طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 25 من مارس عام 2020م الموافق الأول من شعبان عام 1441هـ؛ فتبين لها أن المادة (418) من القانون المدنى تنص على أن: البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشترى ملكية شىء أو حقًّا ماليًّا آخر فى مقابل ثمن نقدى، وأن المادة (428) منه تنص على أن: يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضرورى لنقل الحق المبيع إلى المشترى وأن يكف عن أى عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلاً أو عسيرًا، وأن المادة (457) منه تنص على أن: 1- يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلّم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. 2- فإذا تعرّض أحد للمشتري مستنِدًا إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع، أو إذا خيف على المبيع أن يُنزع من يد المشتري، جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر…، وأن المادة (462) منه تنص على أن: نفقات عقد البيع ورسوم الدمغة والتسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك، وأن المادة (9) من القانون رقم (114) لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى تنص على أن: جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشىء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل، ويدخل فى هذه التصرفات: الوقف والوصية. ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم. ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن…. وأن المادة (106) من قرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1998 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات تنص على أنه: …وفي حالة التعاقد على الشراء تحتجز نسبة تعادل (5%) من الثمن ترد إلى البائع بعد التسجيل أو مضي عام من تاريخ تسليم العقار للجهة الإدارية أيهما أبعد لمواجهة إصلاح أية عيوب قد تظهر خلال هذه المدة.
واستعرضت الجمعية العمومية عقد البيع الابتدائى المبرم بين محافظة الشرقية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى (الصندوق الحكومى)، فتبين لها أن البند الثانى منه ينص على أنه: باع وأسقط وتنازل الطرف الأول (بصفته البائع) بكافة الضمانات الفعلية والقانونية إلى الطرف الثانى (بصفته المشترى) والقابل لذلك عدد ثماني وحدات إدارية فى البرجين رقمى (2،1) المذكورين بالتمهيد السابق… وكذلك ثلاثة محال أرقام (15 و16 و17) بالدور الأرضى بالبرج رقم (1)…، وأن البند الرابع منه ينص على أنه: تم هذا البيع نظير ثمن إجمالي قدره (1266555) مليون ومائتان وستة وستون ألفًا وخمسمائة وخمسة وخمسون جنيهًا…، وينص البند السادس منه على أن: دفع الطرف الثانى (المشترى) إلى الطرف الأول (البائع) مبلغًا قدره (962742,5) تسعمائة واثنان وستون ألفًا وسبعمائة واثنان وأربعون جنيهًا وخمسون قرشًا من إجمالى قيمة ثمن الوحدات والمحال والذى يمثل نسبة 75% من إجمالى قيمة ثمن الوحدات والمحال… كما دفع مبلغًا قدره (243050) مائتان وثلاثة وأربعون ألفًا وخمسون جنيهًا والتى تمثل نسبة 20% الباقية من ثمن البيع… على أن تُحتجز نسبة 5% الباقية من إجمالى ثمن البيع والتى تمثل مبلغًا قدره (60762,5) ستون ألفًا وسبعمائة واثنان وستون جنيهًا وخمسون قرشًا عند تمام التسجيل ونقل الملكية للطرف الثانى (المشترى) أو مضى عام من تاريخ تسليم العقار من الجهة الإدارية (الطرف الأول) أيهما أبعد، وذلك تطبيقًا لنص المادة (106) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 89 لسنة 1998 والصادرة بقرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1998…، وأن البند السابع ينص على أنه: تم تسليم الوحدات والمحال محل التعاقد عن طريق لجنة مشتركة بين طرفى التعاقد وحُرر محضر بالتسليم مؤرخ فى يوم الأربعاء الموافق 27/12/2006، وأن البند العاشر منه ينص على أن: يقوم الطرف الأول بتقديم كافة ما لديه من مستندات لتسجيل هذا العقد لدى الجهات المختصة وقت طلب الطرف الثانى على أن تكون نفقات التسجيل على الطرف الثانى.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- حسبما استقر عليه إفتاؤها –أن المشرع استنّ أصلاً عامًّا
فى القانون المدنى مقتضاه أن العقد يتم بتعبير كل من المتعاقدين عن إرادته بقصد إحداث أثر قانونى معين
هو إنشاء الالتزام شريطة توافق الإرادتين، وأن ملكية العقارات لا تنشأ ولا تنتقل
ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم إلا بإتمام التسجيل، وعلى الرغم من ذلك
فإن ثمة استقرارًا فى كل من القضاء والإفتاء والفقه على أن عقد بيع العقار غير المسجل لا يزال بيعا منتجا لجميع آثار البيع عدا نقل الملكية بالفعل، فاشتراط المشرع تسجيل التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله، لم يغير من طبيعة عقد البيع ليتحول إلى عقد شكلي، فيبقى مع هذا الشرط عقدًا رضائيًّا لم يشترط القانون لانعقاده شكلا خاصا، فهو ينعقد بمجرد تراضى طرفيه، ويترتب على ذلك أن عقد البيع غير المسجل ينشئ جميع التزامات البائع، فيلتزم بموجبه بنقل الملكية إلى المشترى – والتى لا تنتقل فعلا إلا بالتسجيل على نحو ما تقدم – وبتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية، كما ينشئ عقد البيع غير المسجل جميع التزامات المشترى، فيلتزم بأن يدفع الثمن والمصروفات وأن يتسلم المبيع، وإذا أوفى البائع بالتزامه بالتسليم وصار العقار المبيع فى حيازة المشترى، فله أن ينتفع به بجميع أوجه الانتفاع، فعقد البيع غير المسجل ينقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع عدا نقل الملكية بالفعل.
واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى عليه قضاء محكمة النقض من أن مفاد نصي المادتين رقمى (428، 462) من القانون المدني أنه إذا لم يتفق المتعاقدان على تعيين من يقوم منهما باتخاذ إجراءات التسجيل ويتحمل الرسوم المستحقة عليه ونفقاته، فإن الأصل هو التزام المشتري بالقيام بجميع إجراءات تسجيل العقد بما فيها إعداد العقد النهائي ومباشرة إجراءات المساحة وغير ذلك من الإجراءات اللازمة للتسجيل وتحصيل رسومه ومصروفاته، ويلتزم البائع بما هو ضروري لتيسير نقل الحق المبيع الى المشترى كتقديم المستندات اللازمة لإتمام إجراءات التسجيل والكف عن أى عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق عسيرًا أو مستحيلا، وأن المشرع بموجب الفقرة الثانية من المادة (457) من القانون ذاته أجاز للمشترى الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع الشىء المبيع من تحت يده، فمجرد قيام هذا السبب لدى المشتري يخول له الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهدده، وعلم المشتري وقت الشراء بالسبب الذي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق، لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذي يتهدده، ويكون في الوقت ذاته معتمدًا على البائع لدفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن، وأنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الحق في الحبس إذا كان هو البادئ في عدم تنفيذ التزامه، فيمتنع على المشتري استعمال الحق في حبس الثمن ما دام لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانونًا وبحكم العقد (كالتزامه باتخاذ إجراءات تسجيل العقد)، إذ لا يصح في هذه الحالة اعتبار البائع مقصرًا في الوفاء بالتزاماته قبله.
واستبان للجمعية العمومية أن المادة (106) من قرار وزير المالية رقم (1367) لسنة 1998 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات– في النطاق الزمني لسريانها– أجازت احتجاز (حبس) نسبة تُعادل 5% من ثمن الشئ المبيع يتم ردها إلي البائع بعد اتخاذ إجراءات التسجيل أو مضي عام من تاريخ تسليم العقار للجهة الإدارية أيهما أبعد، وبينت العلة من ذلك وهي إصلاح أي عيوب قد تظهر في الشئ المبيع خلال عام من تاريخ التسليم، وخلال هذه المدة كان على الجهة الإدارية أن تنهض إلي اتخاذ إجراءات تسجيل العقد حتى يمكن للبائع أن يسترد نسبة (5%) المشار إليها، فإذا لم تنهض لفعل ذلك خلال السنة التالية للتعاقد أو خلال المدة المعقولة اللازمة لإتمام التسجيل، وكان عدم اتخاذ إجراءات التسجيل أو تمامه راجعًا إليها وحدها، فإنها تلتزم بسداد نسبة (5%) المحجوزة من الثمن بحسبان أن عدم إتمام التسجيل في هذه الحالة يكون راجعًا إليها ، وبالتالي لا يصح في هذه الحالة اعتبار البائع مُقصرًا في الوفاء بالتزاماته.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 27/12/2006 تم إبرام عقد بيع ابتدائى بين محافظة الشرقية (طرفًا أول بائعًا) والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي (صندوق العاملين بالقطاع الحكومى) (طرفًا ثانيًا مشتريًا)، وبموجب هذا العقد باع الطرف الأول عدد (8) وحدات إدارية و(3) محال تجارية للطرف الثانى، وذلك بالبرجين رقمى (2،1) الكائنين بشارع فاروق – مدينة الزقازيق – محافظة الشرقية، وقد امتنعت الهيئة المذكورة عن السير فى إجراءات تسجيل العقد – وهو الالتزام المُلقى على عاتقها قانونًا، وعلى الرغم من مكاتبتها أكثر من مرة من قِبل محافظة الشرقية لحثها على بدء إجراءات التسجيل، فإنها لم تبادر إلي اتخاذ أي إجراء من إجراءات التسجيل رغم مرور أكثر من ثلاثة عشر عامًا على تحرير عقد البيع الابتدائي، وهي مدة جاوزت المدة المعقولة لإتمام التسجيل خاصة أن الأوراق قد أجدبت عن وجود مانع قانوني أو عذر مقبول مانع من إتمامه، ومن ثم تكون الهيئة هي التي امتنعت بإرادتها عن إتمام التسجيل، ومن ثم لا يجوز لها حبس باقي ثمن الشئ المبيع محل عقد البيع المذكور، مما يتعين معه إلزام الهيئة المذكورة بسداد مبلغ مقداره (60762.50) ستون ألفًا وسبعمائة واثنان وستون جنيهًا وخمسون قرشًا إلي محافظة الشرقية، وهو ما يعادل نسبة (5%) المنصوص عليها في عقد البيع سالف البيان.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى إلزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسداد مبلغ مقداره (60762.50) ستون ألفًا وسبعمائة واثنان وستون جنيهًا وخمسون قرشًا إلى محافظة الشرقية وهو ما يعادل نسبة (5%) المنصوص عليها فى عقد البيع المبرم بينهما بتاريخ 27/12/2006، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2020
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة